ليال حدادلم تعد الأخبار الواردة من تونس عن انتهاكات حقوق الصحافيين أمراً جديداً، وإن كانت الأساليب التي يستخدمها النظام تتجدّد يومياً. وآخر «إنجازات» السلطة كانت في الرابع عشر من الجاري حين مُنع كل من مراسل قناة «الجزيرة» لطفي حجي والمحامي محمد عبو ـــــ الذي مُنع أيضاً من السفر إلى بيروت للمشاركة في «المنتدى العربي الثالث للصحافة الحرّة» في كانون الأول (ديسمبر) الماضي ـــــ من المشاركة في مؤتمر عن «دور الإعلام في نشر حقوق الإنسان» في مدينة الشابة في تونس. وذهب رجال الأمن أبعد من ذلك. إذ حاصروا المدينة بهدف منع انعقاد المؤتمر.
ويكفي مراجعة سجّلات منظمات حقوق الإنسان والصحافيين للحصول على قائمة طويلة لانتهاكات الحريات الإعلامية وتعميم سياسة القمع في بلاد الطاهر الحداد. وانطلاقاً من هذا الواقع ولمناسبة الذكرى الـ 53 لاستقلال تونس، وجّهت «لجنة حماية الصحافيين» رسالة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، طالبته فيها بالالتزام بتعهّداته ووعوده التي جدّدها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ـــــ في الذكرى الحادية والعشرين لتسلّمه مقاليد الحكم ـــــ باحترام حرية الرأي والصحافة. وعدّدت الرسالة تجاوزات السلطة الأخيرة من إقفال راديو «كلمة» وتضييق الخناق على مديرة تحريره سهام بن سدرين (الصورة)، وصولاً إلى صدور قرار بسجن مراسل فضائية «الحوار التونسي»، فهيم بو قدوس بتهمة «الانتماء إلى جمعية إجرامية»!
وأرسلت اللجنة نسخة من الرسالة إلى رئيس الوزراء التونسي وسفيرَي الولايات المتحدة وفرنسا، إضافةً إلى ممثلي المنظمات الأهلية المدافعة عن حقوق الصحافيين.
غير أنّ هذه الرسالة لم تكن يتيمة. إذ سبقتها أخرى شبيهة من منظّمة «مراسلون بلا حدود» التي وجّهت بيان استنكار إلى وزير الداخلية والتنمية المحلية رفيق بالحاج قاسم، عبّرت فيه عن قلقها من ارتفاع الضغوط التي تمارسها الشرطة «والهادفة إلى كمّ أي صوت ينتقد النظام»، وطالبت بوضع حدّ «لهذه الممارسات التنكيلية والقمعية». كذلك عدّدت المنظّمة بعض التجاوزات، وأهمّها منع توزيع أحد أعداد المجلة الاجتماعية الإماراتية «الصدى».
ويعدّ النظام التونسي بحسب تقارير المنظمات الحقوقيّة من أكثر الدول العربية قمعاً للصحافيين، رغم تصديق الدولة المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والصحافية منذ 1968.