إنّها المرّة الأولى التي تغوص فيها الدراما السوريّة في عالم الموساد وتتطرق إلى هزيمة 67 في أجواء عسكريّة. نجدة أنزور يقدّم في «رجال الحسم» مع ممثّلين من سوريا ولبنان والأردن، صورةً مختلفةً عمّا شاهدناه في المسلسلات والأفلام المصرية
منار ديب ـــ باسم الحكيم
دمشق تُعلن الحرب على تلّ أبيب. تتغلغل في أجهزة الموساد، وتفضح الفساد المستشري بين الضبّاط الإسرائيليين وعمليّات تصفية بعضهم لبعض في «رجال الحسم» للكاتب فايز بشير والمخرج نجدة أنزور، وبطولة ممثّلين من سوريا ولبنان والأردن ومن إنتاج مشترك بين شركة «الهاني للإنتاج» وقناة «أبو ظبي الأولى» التي تحظى بحق عرضه الأوّل في رمضان. إنّها المرّة الأولى التي تغوص فيها الدراما السوريّة في عالم الجاسوسيّة والاستخبارات الإسرائيليّة وتتطرق إلى هزيمة 67 في أجواء عسكريّة، مقدّمةً صورة واقعيّة مختلفة عمّا أظهرته الدراما والسينما المصريتان، من خلال «رأفت الهجان» و«الثعلب» و«حرب الجواسيس» وسواها. ولعلّ المسلسل يتقاطع مع أنواع عرفتها الدراما السوريّة سابقاً، لجهة تركيزها على الأكشن والتشويق والمغامرة، بينها مسلسل «شركاء يتقاسمون الخراب»للمخرج محمد زهير رجب، الذي مثّل باكورة أعمال الشركة المنتجة. لكنّ «رجال الحسم» سيأتي بصورة أضخم وبكلفة إنتاجيّة تبلغ 2,5 مليون دولار. وهو يمثّل عودةً قويّة للمخرج نجدة أنزور، الغائب عن الساحة الدرامية منذ «سقف العالم» قبل عامين.
يشرح محمد فراس منصور مدير الإنتاج في «الهاني» أنّ «العمل يرتكز على أحداث حقيقيّة، أمضى الكاتب فايز بشير فترة طويلة في قراءة ما كتب عن الموساد، للاطلاع على تركيبة هذا الجهاز الاستخباري، وأنجزه عام 1994، غير أنه لم يجد الشركة المتحمسّة لإنتاجه، نظراً إلى موضوعه الحسّاس وكلفته الإنتاجيّة المرتفعة». يعلن منصور عن مفاجآت أُولاها استخدام تقنيات ومؤثرات سمعية وبصرية لأول مرة في الدراما العربية، إضافةً إلى استعانة أنزور بخبراء للتفجيرات من بريطانيا وإيران، فضلاً عن «استعارتنا من الجيش السوري، معدات إسرائيليّة استُخدمت في حرب 67، لإضفاء لمسة من الواقعيّة». وينفذ العمل في مناطق، لم تدخلها سابقاً كاميرات الدراما، ليس في سوريا فحسب بل في لبنان وألمانيا وبلغاريا وقبرص وروما، على أيدي مدير التصوير المصري محمد حبيب. كل ذلك من أجل الخروج بعمل على مستوى عال من الجودة.
وبعد بدء التصوير في لبنان بين دير القمر وبيت الدين وجونيه، يتواصل التصوير حاليّاً في دمشق واللاذقية والشمال الشرقي، قبل السفر إلى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وقبرص لتصوير المشاهد الخارجية. ويؤكد صنّاع العمل هويته الإنسانية والوطنية رغم سياقه التاريخي وأبعاده السياسية. هو يروي حكاية مدرّس جولاني بسيط يُدعى شحادة (باسل خياط) يؤدّي خدمته العسكرية في فوج المغاوير في الجيش السوري ويتعلّم العبريّة. وبعد انتهاء الحرب، يعود إلى قريته فيجد والدته وشقيقه قد استُشهدا خلال الحرب، بينما أصيبت شقيقته ليلى (تاج حيدر)، فيقرر الانتقام لهم. وعندما يتعذّر عليه القيام بعمليّة فدائية في الأراضي المحتلة، يسافر إلى ألمانيا حيث سيحمل اسم «إيشاك» وينخرط في صفوف الموساد، بمساعدة الضابطة ميراج (مايا نصري) التي يقنعها بحبّه لها. وسرعان ما ينجح في اختراق الموساد، لتبدأ بذلك عملية تجسّس تتخلّلها سلسلة أحداث مثيرة. ويتوقف مدير الإنتاج عند شخصية شحادة التي «تمثّل رمزاً لأي مواطن عربي، إيماناً منّا بأن لا توجه سياسياً للمقاومة، بل هي فكر وعقيدة»، مضيفاً «ما نريد قوله للعدو الإسرائيلي إننا بتنا نفهم لعبة الإعلام جيداً».
وبعيداً عن قصة شحادة، يزخر العمل بخطوط دراميّة وقصص حب: والد شحادة (عبد الرحمن أبو القاسم) يعمل نجّاراً، وينزح إلى دمشق بعد الحرب مع ابنته ليلى التي تتزوّج المدرّس الشاب عدنان. كما تظهر منى واصف في دور أم خليل، والدة شهيد من الجولان تنتقل مع زوجها إلى دمشق، فتجد فيها ليلى صورة الأم البديلة، ثم ميلاد يوسف في دور طلال الذي يعاني مشكلة اجتماعية، فيقرر الهرب إلى بيروت، ويحاول الزواج بإحدى قريباته التي تقنعه بالعودة إلى سوريا، ثم أيمن رضا في شخصية الجاسوس الإسرائيلي أبو عراج أو إسحاق الذي يظهر بصورة مجنون الضيعة، ويكتشف شحادة شخصيته الحقيقيّة كضابط في الموساد في ألمانيا. هذا إضافةً إلى ضباط الموساد وأعضائه إيفال (الأردني ياسر المصري) وإيليا (فايز قزق) وآن (نادين نجيم) والطبيب يوشع الإسرائيلي (وليد العلايلي). وينتهي العمل بانتساب شحادة إلى الاستخبارات الإسرائيلية في 1970. وهي السنة التي يفترض أن تنطلق منها أحداث الجزء الثاني، الذي أنهى بشير كتابته وينتهي بحرب تشرين 1973. غير أنّ شركة «الهاني»، تفضّل تأجيل الجزء الثاني، في انتظار معرفة أصداء الجزء الأوّل، «لأنّه إذا لم يجد العمل الإقبال المطلوب، فقد نصرف النظر عن الجزء الثاني»، وهذا ما حصل فعلاً في العمل الأوّل للشركة «شركاء يتقاسمون الخراب» الذي صرف النظر أخيراً عن إنتاج جزئه الثاني.
يبقى أنّ العمل يعتمد اللهجة السوريّة مع استعمال العبريّة في المشاهد الإسرائيلية، وقد استعان المخرج بمدير التصوير المصري محمد حبيب. والعمل يجمع باسل خياط ومنى واصف وفايز قزق وأيمن رضا ورامي حنا وتاج حيدر نجاح سفكوني ونادين من سوريا، ومايا نصري وملكة جمال لبنان السابقة نادين نجيم ووليد العلايلي ونيكولا معوّض وعلي الزين من لبنان، إضافةً إلى ياسر المصري من الأردن. ويحرص على تقديم صورة دقيقة فنياً للطرف الإسرائيلي لجهة الملابس والبزات العسكريّة (صمّمتها هالة شهاب) كما جرت الاستعانة بالأسير السوري المحرر صلاح سليمان قويقس للإحاطة الواقعيّة بالحالة الإسرائيليّة.