أحمد الزعتريتحمل الأجساد الأنثويّة في لوحات الفنانة التي تحسب على الجيل الستيني من فناني العراق، طاقات لونيّة هائلة، شفّافة وحارّة إلى درجة التحرّر، ومثقلة بالرموز والإشارات البدائيّة. حتى يمكن المشاهد الإحساس بوطأة المكان وآلام ساكنيه. بينما ستعمل الخلفيات الداكنة على تكريس خصوبة اللوحة في إشارة توكيدية إلى المكان.
الجسد إذاً هو ملجأ الروح وعذابها أيضاً. ولن تجد الفكيكي أفضل من نموذج «عشتار» التي تتموضع على اللوحة بكل أوجاعها وفرحها. لذا، تعمل الفنّانة على توريط هذا الجسد بعواطفه: على أرضيّة داكنة ومتوتّرة، سيختال جسد عشتار كي لا يكون فقط مجرد وزن يحتلّ الفراغ. فالاتكاء إلى الموروث يشبه النبش في موقع مهجور فعلاً.
أما الأطراف والرأس فتُبتر ليتحوّل الجسد إلى مجرّد بقايا جسد: ذاكرة متصدّعة أم خسران كبير، أم هي الروح إذ تتشظّى وتذوي؟
لا يمكن الحديث هنا فقط عن تجلّيات اللوحة اللونيّة ومطابقتها مدرسة معيّنة. إذ لن يستطيع المشاهد التخلّص من فكرة أنّ ثمة تأويلاً عميقاً وراء هذه اللوحات. لا نستطيع، مثلاً، تجاوز فكرة المكان العراقي: الأرض التي أنجبت العالم، لذا من الطبيعيّ أن يتمثّل العراق بجسد أنثى: عشتار مثلاً، وأن تقترب الفكيكي من رؤية فنيّة لما أنجزه الشيخ ابن عربيّ قبل مئات السنين نظريّاً: «كل مكان لا يؤنّث، لا يعوّل عليه».


حتى 19 شباط (فبراير) الحالي ــ غاليري «رؤى»، عمّان ــ 96265560080+