لقد تعبت مي شدياق من «التظاهر بالموضوعيّة»، ومن «خيانة مبادئها»، ومن ظلم ذوي القربى، فقرّرت على حين غرّة أن تترك «بيتها». وأعلنت ذلك، بطريقة تراجيديّة، أول من أمس، في ختام حلقة «شيّقة» من برنامجها «بكل جرأة». هكذا فاجأت الجميع في «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال»
بيار أبي صعب
حلقة «بكلّ جرأة»، ليلة أوّل من أمس على lbc، كانت استثنائيّة حقّاً. منذ البداية بدت مي شدياق مصابة بشيء من الخفّة، عاجزة عن ضبط مشاعرها والسيطرة على انفعالاتها. كانت تضحك بعصبيّة، مثل تلميذة راهبات في القسم الداخلي، لدى اقتراب موعدها الغرامي الأوّل. رأيناها تطلق العنان لـ«لطشاتها» بلا تحفّظ، فتلتمع عيناها خصوصاً حين تتوجّه بنظراتها المتواطئة نحو وزير السياحة الكتائبي إيلي ماروني إلى يمينها...
أو تنتهر ضيفها الآخر، ممثّل محور الشرّ، الزميل حسن خليل الذي لم يتخلّ عن هدوئه، رغم التشهير الأبله بجريدة «الأخبار». لكن تلك مسألة أخرى.
لم تبذل مي شدياق أدنى جهد لإخفاء تعصّبها. راحت تدسّ في مداخلاتها شيئاً من اللؤم الرقيق، ما يكفي لتسميم الحوار وأخذه إلى مكان عقيم. لا تنسوا أن مي إعلاميّة مجروحة ومعذّبة، مما يقتضي الاحترام والتفهّم والصبر... ما همّ إذا نسيت أنّها الوسيط الذي يدير الدفّة هنا، وأن أصول اللعبة تقضي بأن تبقى على مسافة نقديّة واحدة من جميع ضيوفها؟ بسيطة. لكنّها صارت طرفاً في السجال: عند كل مفترق كلام تستفيض في العظة الأخلاقيّة والوطنيّة المناسبة، أو الأمثولة الايديولوجيّة، أو تغنّي الموّال الوطني ــــ العاطفي المعهود. كمان بسيطة؟
يمكنكم أن تتصوّروا الجوقة التي ألّفتها مع الوزير ماروني ــــ علماً أنّ المذكور حاول في الدقائق الأخيرة أن يلعبها «رجل حوار» ــــ قبل أن تنضمّ إليهما النائبة غنوى جلّول التي جاء مونولوغها التلفوني أقرب إلى نسخة بوليوديّة من «أنتيغونا»، مع زميلنا حسن خليل، ناشر «الأخبار»، في دور الطاغية كريّون. لكن الإعلاميّة الجريح زادتها قليلاً. بأي حق تقول لمالك جميل السيّد الذي شكا على الهاتف من صعوبة الاتصال بالاستوديو: «من الأسهل عليكم أن تصلوا إلينا عن طريق المتفجّرات»؟ يا ناس، يا هوووو! أين ميثاق الشرف الإعلامي، بل أبسط قواعد المهنة؟
في الحقيقة كان علينا أن ننتظر ختام الحلقة، لنفهم ماذا يجري. استوت مي في جلستها، رتّبت أوراقها، كما لتؤدّي المشهد الحاسم الذي تخيّلته طويلاً. نظرت إلى الكاميرا التي أمامها، وأخذت نفساً عميقاً: «الختام ربّما سيفاجئكم، ويفاجئ كل من يستمع إليّ». تعلو وجهها ابتسامة عريضة، حسناً لا بدّ أنّها ستزفّ إلينا خبراً سعيداً... لكن فجأة ينقلب الموقف إلى «غصّة». تقول، وهي تنظر إلى أوراقها بشيء من الارتباك: «أنا قرّرت أترك». من خارج الكادر نسمع صدمة الوزير ماروني: «أف!». تذكّرنا برحلة آلامها على درب الجلجلة منذ محاولة اغتيالها في ٢٥ أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٥ : «٣٠ عمليّة في ٣ سنوات». تقول إنها كسبت الرهان وعادت، بـ «عقل سليم وبالطلّة الحلوة»، ولم يتمكّن القتلة من إسكاتها. تشكر مار شربل. وتترك القصاص للربّ والمحكمة الدوليّة... وهنا يبدأ المونولوغ بالتصاعد.
المحطّة بيتها، لكنّها ستترك البيت حيث حاربها «بعض الزملاء» الذين خسروا حروبهم، وانتصرت هي: «قرّرت وقّف اليوم لأنّو (هناك) كرامتي. يمكن ما بق قادرة ابلع دموعي. يمكن ما بق قادرة فرجي انو أنا موضوعيّة، وضدّ قناعتي، لما الجرح هالقدّ كبير. قرفت!». ممَّ قرفت مي؟ من التظاهر بالموضوعيّة؟ لم يعد بوسعها أن «تخون مبادئها» تقول، وأن «تحط من مستواها وكرامتها». عجباً! هل خانت مبادئها كلّ هذا الوقت، منذ عودتها إلى «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال»؟ تتلعثم، تخبرنا قصّة غير مفهومة عن «حدا دون المستوى لا تعرف اسمه حتّى، منع حدا (آخر) كان مقرّر يطلع (معها) في آخر لحظة». صمت على البلاتوه، حيرة تمسك بخناق المشاهد. زوم على مي: «خدعوا العالم كفاية، نحنا بالـ ٢٠٠٥ ساهمنا بوصولهم. هنّي عارفين نفسهم... ما بق قادرة قول أكثر من هيك!».
PSYCHODRAME حقيقي، من النوع النادر على الشاشة الصغيرة. جلسة علاج جماعي مباشرةً على الهواء: «شيخ بيار (الضاهر) بدّي قلك: بحبّك». أخ! لحظة الفراق دائماً مؤلمة. كأنّنا أمام طفلة تتمزّق بعد طلاق والديها: «عندي أمنية وحيدة: أن يتفق الدكتور سمير جعجع مع بيار الضاهر». الـ «سايكودراما» تطول الإعلام اللبناني، بل البلد برمّته إذاً. ثم تختم مقدّمة «بكل جرأة»، مرتعشة وقد اختنق صوتها واغرورقت عيناها: «دفعت دمّ غالي» وتشير إلى نفسها باليد اليمنى المرفوعة. تختفي صورتها. لقد سقطت ستارة الفصل الأخير. جنريك!
لعلّها نهاية حقبة. لقد صار بوسع lbc أن تبدأ صفحة جديدة...


من دررها عن «الأخبار»■ تنشرون مواد وأخباراً ملفّقة غير صحيحة ولا تستند إلى أي سند و«إذا الواحد بدو يتسلّى فيكم، كل يوم في يرفع دعوى عليكم»
■ تنشرون مواد تحريضية
■ تنشرون موادّ دعائية قبيل الانتخابات
■ مقالة إبراهيم الأمين التي تنتقد «حزب الله» بسبب عدم انضمامه ـــ حتى الآن ـــ إلى معركة ميشال عون في مجال الإصلاح هي من باب المزايدة ليس إلّا