خليل صويلحلن نستغرب إذاً أن يفتتح رائد وحش مجموعته «لا أحد يحلم كأحد» بقصيدة «سأتزوج أنجلينا جولي»، ليقول ببساطة: «بالنسبة لي، كحمار على الأقل، سأحبك كما لو أن الحبّ لم يكن من قبل». حتى إنّه لا يتردد بالقول «أبوس حذاءك». هذه النبرة المفارقة للمعجم الشعري التي تنسحب فيها الفحولة إلى الوراء، إحدى علامات الشعر الجديد، فالشاعر الجديد يسعى إلى إعلان ذاته بكامل هشاشتها. يقول قيس مصطفى في «أبحث عنك على غوغل»: «آخر مرة جاءت حبيبتي، كنت مخدّراً وسافلاً معاً، هذا ما أنا متأكد منه»، فيما يدخل جولان حاجي منطقة عزلاء لا تخلو من غنائية فجائعية «لقد حذفت حياتي وما تبقّى ليس إلا الهوامش انتثرت كالفُتات على حوافّ ورقة وسخة/ أقرأ فيها صمت الإشارة/ وألمح موت اليقين».
هناك قصيدة الجسد أيضاً، لكنّه هنا شهوة وجحيم «الخطيئة كانت ترعى جسدي» أو «ما أهمية الفلسفة الآن، وأنت أمامي عارية على السرير؟». إيروتيكية لا يتردد أصحابها في اقتحام مجاهل الجسد بأقل العبارات بلاغةً، في نصوص شبقة تحدث في أماكن عشوائية.
وإذا كان التماثل وسم تجارب جيل التسعينيات لجهة انشغالها بالتفاصيل، فتجارب هؤلاء الشباب تتشظى إلى اهتمامات متباعدة، كمحصلة لبيئات مختلفة تنبئ عن اغتراب وشتات وأوجاع، تضع الفرد في مهبّ أسئلة طارئة عن الهوية. يتساءل محمد أبو لبن «من أنا؟ لاجئ بوثيقة زرقاء/ يقف أمام لوحة المطار». لنختبر هذه الأصوات بمبضع نقدي آخر، علها تكون نقطة من أول السطر.