strong>منار ديبالمخرج التلفزيوني السوري حاتم علي مشغول هذه الأيام بالسينما. بعدما أنهى تصوير «سيلينا» عن قصة «هالة والملك» للأخوين رحباني (لم يعرض بعد للجمهور)، ها هو يضع اللمسات الأخيرة على فيلمه «الليل الطويل» الذي كتب نصّه زميله هيثم حقي (إنتاج شركة «ريل فيلم» التابعة لشبكة «أوربت»). إذاً، «الليل الطويل» الذي صُوِّر بكاميرا «ريد سينما»، يأتي ضمن سعي حقّي، المدير الفني لـ «ريل فيلم»، إلى تصوير أفلام بكاميرات تلفزيونية متطوّرة، تَصلح للعرض على الشاشتين الصغيرة والكبيرة. ومن هذه الأفلام «التجلّي الأخير لغيلان الدمشقي» لهيثم حقي و«بصرة» للمصري أحمد رشوان، و«رقصة النسر» لنضال الدبس، إضافة إلى عدد من المشاريع القائمة.
لكّن «التجلّي الأخير» الذي كتبه حقّي أيضاً، عرف عرضاً دمشقيّاً يتيماً جاء مخيّباً للتوّقعات من مُخرج يُعدّ عرّاب الدراما السورية الجديدة وصاحب مقولة لغة «السينما في التلفزيون». إذ بدل ذلك، قدّم الشريط نوعاً من لغة التلفزيون في السينما! ولم يعرف عرضاً آخر لا في «مهرجان دمشق السينمائي» الأخير الذي كرّم حقي، ولا في «المركز الثقافي الفرنسي» في دمشق، حيث سُحب الفيلم من عروضه من دون أسباب واضحة.
ويُخشى أن يكون «الليل الطويل» الذي كتبه حقي، محمّلاً بنفس الخطاب المتقادم، بغض النظر عن موهبة حاتم علي. يتناول العمل الليلة الأخيرة خلف القضبان لمعتقلين سياسيين ينتظرون الإفراج عنهم. وهذا الخروج سيعيد ترتيب حياة أفراد عائلاتهم الذي صاغوا حيواتهم بمعزل عنهم. هكذا، سنتعرّف إلى حياة أبناء هؤلاء المعتقلين بين باريس ودمشق وحمص والساحل السوري، وسنكتشف أنّ من بين الأولاد مَن اتّخذ خيارات تتناقض مع قناعات الآباء التي يعتبرونها شخصية وأنانية، كانت لها آثار سيئة على العائلة. ما يصوّره الفيلم هو ليلة الانتظار الطويل التي يجري من خلالها استعراض بانورامي لما حدث خلال فترة الابتعاد القسري عن العالم الخارجي. والفيلم إذ يدخل منطقة شائكة وحساسة، يبدو أنه يعمل على تحويل الأثمان المدفوعة إلى أثمان عبثية، وإن كان التساؤل مبرراً. ما يعنينا هو مستوى فني، يُخرج السينما السورية من عقمها. إذ إنّ موضوعاً مثيراً للجدل، وكاميرا مخرج كحاتم علي قد تقدّمان إلينا نتيجةً أرقى من الأعمال الأرشيفية للمؤسسة العامة للسينما، ومن المحاولات التلفزيونية التي تقدم نفسها تحت لافتة السينما.


خالد تاجا والآخرون