هايدن وبارتوك وبروكوفييف والآخرونبشير صفير
انطلق «مهرجان البستان» أول من أمس مع التينور المجري سابولش بريكنر ببرنامج حافل ومتنوِّع قدّمه على مدى ليلتين برفقة الأوركسترا الوطنية اللبنانية بقيادة باولو أولمي. أدّى التينور الشاب مقتطفات غنائية من أعمال أوبرالية طالت موزار (من أوبرا «إيدومينِيو»، أصغر كبرى أعمال موزار الأوبرالية)، والـ«بل كانتو» الإيطالي (لفيردي ودونيزيتي) والأوبريت الفرنسية (لملك هذا الفنّ، جاك أوفنباخ) وغيرها... وتخلل الأمسية عزف مقطوعات أوركسترالية (من أعمال أوبرالية لموزار، فيردي، دونيزيتي، بوتشيني وروسّيني). أما الأداء فكان متفاوتاً للأوركسترا، وجيداً للتينور الذي بدَت خامة صوته ملائمة لأعمال موزار أكثر من الأعمال الأخرىاتخذ المهرجان هذه السنة عنواناً يفي الموسيقى حقّها: «الموسيقى والحياة»، بما أنّها تدخل في أحزاننا وأفراحنا وحروبنا وحتى في صحتنا، بعدما أثبت الطب أنّ العلاج بالموسيقى أمرٌ علمي. وقد أَدرج المهرجان محاضرة لعالم الأعصاب كمال شمالي في «قاعة عصام فارس» (الجامعة الأميركية في بيروت) في 12 آذار (مارس) المقبل (الدعوة عامة). كلما تناولنا «مهرجان البستان»، نكرّر ما يميّزه محلّياً: إنّه مهرجان موسيقي لم يبحث يوماً عن الأسماء المكرَّسة بل عن القيمة الفنيّة التي لا تلبث أن تكرِّس أصحابها، ما يجعل منه موعداً للاكتشاف الموضوعي، لا محطةً لتحقيق الأحلام والنشوة المسبَقة. نجد على البرنامج مساء غد أعمالاً غنائية لمونتيفردي، كبير حقبة ما قبل الباروك، تقدمها فرقة «فوتشيه دِلْ آرتيه، فوتشيه دِلْ آركو» الإيطالية، بقيادة فيديريكو غوغلييلمو. وفي 22 الجاري، يقدّم الثنائي أووين غانل وأوليفر كوكس توليفاً إيقاعياً بعنوان «طاقة وإيقاع» لأعمال باخ وشوبان وريمسكي ـــــ كورساكوف وغيرهم.
أما محبّو موسيقى الحجرة، فموعدهم مساء 24 الجاري، مع الثنائي آنتال سالاي (فيولون) وإليان ريس (بيانو) اللذين يستعيدان ثلاث سوناتات للفيولون والبيانو كتبها في 1944 بارتوك وبروكوفييف ومارتينو. وللبيانو المنفرد حصته مع أمسيتين: الأولى (25/2) للعازف المغمور ليبور نوفاتشك الذي سيؤدي أعمالاً لبرامز، لِيسْتْ، دوبوسي وياناتشك (صاحب روائع للبيانو ما زالت غير معروفة إلا من قلة متخصصة). والثانية (11/3) للعازف العالمي بوريس بيريزوفسكي.
محطة الجاز هذه السنة (٢٦/٢) ستكون مع فرقة «أكوستيك تراينغل» التي تستعيد أعمالاً من الريبرتوار، أو من الموسيقى الكلاسيكية بإعدادٍ جازيّ. تلي الأمسية المذكورة حفلتان لأوركسترا الحجرة/ الفيلهارمونية التشيكية، الأولى (27/2) مخصَّصة لباخ وعائلته وأصدقائه، والثانية (28/2) لهايدن وعائلته وأصدقائه. وفي الأول من آذار (مارس) المقبل، نعود إلى عصر النهضة مع فرقة «ستيلِه آنتيكو» التي تؤدي في كنيسة «مار نهرا» الأثرية (سمار جبيل، البترون) غنائيات لبالِسترينا وغويريرو وغيرهما.
وللرقص المعاصر مكانه في البرنامج مع عرضين (3 و4/3) للفرقة الإيطالية «سبالباوند دانس كومباني». وبعد ذلك، أمسية لأعضاء من فرقة وارسو لأوبرا الحجرة بقيادة روب فرمويلِن (6/3) يؤدون أعمالاً دينية لموزار وهايدن في «كنيسة القديس يوسف» (الأشرفية). تليها أمسية المهرجان الشرقية (7/3) مع الأوركسترا العربية الشرقية بقيادة وليد غلمية. ونشير أيضاً إلى أمسية مميّزة لمحبي الآلات النحاسية (براسّ) مع الفرقة الألمانية «المجموعة الكلاسيكية» التي تعود إلى جذور الجاز وتداخلاته بالموسيقى الكلاسيكية فتقدم أعمالاً لبرنشتاين وألينغتون وغرشوين وجوبلِن وكوزما (8/3).
وفي السياق نفسه يُحيي خماسي «كاريون» (آلات نفخ خشبية ونحاسية)، في 10 آذار (مارس)، أمسية مكرّسة لفيفالدي وباخ ورافيل وهينديميت... وتتوالى الأمسيات مع أعمال لباخ وشوبرت وبيتهوفن في أداء لعازف الفيولون فاليري سوكولوف، ترافقه على البيانو كاترين ستوت (13/3)، ومن ثم حفلة لفرقة ثُمانيّة من فيينا ستعزف من ريبرتوار بيتهوفن وهايدن وشقيقه (14 3). بعد الموسيقى الكلاسيكية والجاز، موعدٌ مع موسيقى الغوسبل (15/3) لـ«جوقة مهرجان البستان» التي ستتكوّن بعد تدريبات المغنية تينا بروسك لهواة لبنانيين خلال ورشة عمل (بين 5 و14مارس). تليها أمسية في «أسمبلي هول» (جامعة بيروت الأميركية) لأبرز ضيوف «البستان» هذا الموسم، أي عازف التشيلو جوليان لويد فيبر الذي سيرافقه عازف البيانو بام شوهان (17/3). أمّا الأمسية التي ستحمل توقيعاً لبنانياً عالمياً، فتقام في كنيسة مار سابا (البترون) مع عازف الغيتار جاد عزقول يرافقه على الفيولون نجله جوليان (18/3).
قبيل الختام، تعود فرقة «هيليكون» الروسية التي باتت من الضيوف الدائمين للمهرجان، لتقدم عرضين (19 و20/3) لأوبرا «حوارات الراهبات الكرمليات» لفرنسيس بولنك، قبل أن تدير الدفة في الاتجاه المعاكس وتقدّم (21/3) أمسية «كالينكا» التي تعيدنا ـــــ كما يشير عنوانها ـــــ إلى محطات من التراث الروسي العريق. وينتهي المهرجان مع «الختام الكبير» أو سهرة المفاجآت.
كنّا في السابق نشير إلى أسعار البطاقات العالية التي تهمّش شريحة كبيرة من الجمهور لا تقلّ إلماماً وولعاً بالموسيقى عن الطبقة الميسورة وما فوقها. وهذه السنة نحيّي البادرة المهمّة التي قام بها المهرجان، إذ وفّر بطاقات (لبعض الحفلات) بأسعار تشجيعيّة للطلاب (10 دولارات).


حتى 22 آذار (مارس) المقبل
«فندق البستان»، بيت مري
للاستعلام: 04/972980
www.albustanfestival.com