بشير صفير 15 سنة مرّت على رحيل عازف البيانو المجري/ الفرنسي جورج زيفرا الذي توفي في 15 كانون الثاني (يناير) عام 1994، إثر نوبة قلبية ومعاناة مع السرطان ونتيجة الإسراف في شرب الكحول والتدخين. ولد غيورغي زيفرا عام 1921 (أصبح جورج بعدما هاجر إلى فرنسا) وتلقى دروسه الموسيقية الأولى على يد والده الذي كان يتقن العزف على الكلافسان. سمحت له موهبته بتقديم أول حفلة له في سن الخامسة. بُعَيد اندلاع الحرب العالمية الثانية، قطع جورج زيفرا دراسته الموسيقية وانخرط في الجيش، فسُجِن عام 1941 ولم يستأنف نشاطه حتى سنة 1947. عام 1950 اعتُقِل لأسباب سياسية وسُجِن حتى عام 1953. ويُقال إنه خلال سجنه، رسم مفاتيح آلة البيانو على أرض الزنزانة وتابع التمارين لكي لا يفقد ليونة أصابعه. روايةٌ تتمتع بقدرٍ عالٍ من المصداقية نسبةً إلى تقنيات زيفرا الجهنمية ومهاراته الاستثنائية (وخصوصاً على مستوى السيطرة على الدينامية).
بعد خروجه من السجن، بدأ زيفرا بتقديم الحفلات في بلده فنال عام 1955 «جائزة فرانز ليست» التي تُمنح عادةً لمؤلفين، وكانت المرة الأولى التي يستحقها عازف. هاجر بعدها إلى فرنسا واستقر فيها حتى رحيله، حيث حقق شهرة واسعة نتيجة حفلاته وتسجيلاته القيّمة (لمصلحة شركة «إي. أم. آي»).
في هذا السياق نشير إلى أنّ زيفرا لم يترك تسجيلات كثيرة، لكنّ أحداً لم يضاهِه في أدائه لأهم أعمال المؤلف المجري فرانز لِيسْت. ومن بينها الكونشرتوهات الاثنان للبيانو والأوركسترا تحت قيادة نجله غيورغي جونيور (1942 ـــــ 1981) الذي توفيَ بحريق في منزله ويُقال إنّه انتحر، لكن الرواية الرسمية رجحت فرضية
الحادث.
صحيح أن زيفرا تخطّى الجميع في أداء ليست، لكن، احذروا جيداً، فقد أخفق مرة وحيدة إخفاقاً مدوّياً: الجميع (نقصد الكبار طبعاً) تخطاه في أداء أهم عملٍ للِيسْت: السوناتة الوحيدة للبيانو. والبديل: على رأس القائمة فلاديمير هوروفيتس.