ليال حدادعندما أنشأ مارك زوكربيرغ (25 عاماً) في 4 شباط (فبراير) 2004 موقع «فايسبوك»، لم يكن هو نفسه يتوقّع انتشاره بهذه السرعة ليبلغ عدد أعضائه اليوم أكثر من 175 مليوناً. «لو كان الموقع بلداً، لكان سادس أكبر بلد في عدد سكّانه»، هكذا كتب زوكربيرغ في مدوّنته. لكنّ هذا النجاح الكبير لم يمر من دون نكسات، أبرزها ما حصل هذا الشهر حين أعلن زوكربيرغ أنّه يحقّ للموقع الاحتفاظ ببيانات الأعضاء وصورهم حتّى بعد إغلاقهم حساباتهم الخاصة... بل استخدامها أيضاً. وإن كانت الأصوات التي اتّهمت «فايسبوك» باختراق خصوصيّة المستخدم قد علت منذ 2004، إلا أنّ الحملة الأعنف بدأت عقب هذا التصريح. هكذا، وقّع ما يقارب مئة ألف مستخدم على عريضة إلكترونية تطالب بالعودة إلى شروط الخدمة القديمة التي تمنع الموقع من استخدام البيانات الشخصيّة... فما كان من فريق العمل في الموقع إلا التراجع عن قراره، أول من أمس. «الصيغة التي سنعتمدها في المستقبل ستكون ثمرة دراسة عميقة مقارنة مع الصيغة الحالية»، قال زوكربيرغ.
لكن قبل تنفّس الأعضاء الصعداء، فلندقّق قليلاً بشروط الاستخدام الموجودة حالياً على الموقع. «بيانات الأعضاء الذين أغلقوا حساباتهم لن تكون ظاهرة للمستخدمين الآخرين، لكنّها ستظلّ في الملفات الاحتياطية (backup copies) الخاصة بالموقع»! هكذا إذاً، فإن «فايسبوك»، منذ تأسيسه، هدم كل حواجز الخصوصية، وجعل من بيانات مستخدميه «أملاكاً عامّة». كذلك فإنّ شروط الخصوصية والاستخدام التي ينشرها الموقع تؤكّد «عدم تحمّل الإدارة مسؤولية أي عملية تحايل على خصوصية الأعضاء». وقد أثارت هذه الجملة موجة احتجاجات بين المستخدمين، وخصوصاً في ظلّ اتّهام المشرفين على الموقع باختراق حسابات الأعضاء والتحكّم بالمعلومات الشخصيّة.
وفي الإطار نفسه، فإن العودة إلى الاتّهامات التي شنّت ضدّ الموقع منذ تأسيسه قد توضح الصورة. ولعل أكثر الحملات التي لاقت تجاوباً إعلامياً كانت تلك التي بدأتها «المجموعة الكندية لسياسة الإنترنت والمصلحة العامة» The Canadian Internet Policy and Public Interest Clinic التي تعمل في جامعة أوتاوا. وقد اتّهمت المجموعة إدارة الموقع بمشاركة معلومات الأعضاء الخاصة (كالصور والرسائل) مع طرف ثالث، ما يعدّ خرقاً للقوانين الكندية. وفي مقلب آخر، اتّهم عدد من الدراسات Facebook بالتأثير على العلاقات الإنسانية وتغيير الإطار الطبيعي للصداقات بين الأشخاص.