تحت عنوان يشي بالاستمراريّة، احتضنت بيروت معرضاً لأعمالها وأعمال آرا أزاد وسهيل سليمان، يُختتم اليوم بأمسية أدبيّة وموسيقيّة وفنية
زينب مرعي
لا حدود جغرافيّة أو فكريّة تعترض رغبة الفرد في تحقيق ذاته والتواصل الخلّاق مع العالم. تلك كانت فلسفة الكاتبة والفنّانة والناشرة الراحلة مي غصوب التي شاركت في تأسيس «دار الساقي» ونجاحها. مي ما زالت يداها الخفيتان تحرّكان خيوطاً كثيرة على الساحة الثقافيّة آخرها معرض Continuum الذي افتُتح منذ أيام في قصر «الأونيسكو» في ذكراها الثانية. إنها حاضرة هنا من خلال نظرتها إلى الحياة الإبداعيّة والثقافيّة، وتشجيعها فكرة تحويل المراكز الثقافيّة إلى مساحة واسعة للعروض الفنيّة... وحاضرة عبر منحوتات لها، بعضُها يُعرض للمرّة الأولى في لبنان، وحتى من خلال نظّارتها التي استعمَلها الفنّان آرا أزاد (المقيم في الولايات المتحدة) في أحد أعماله.
من خلال المعرض، يحاول آرا أزاد مع هدى غصوب وحازم صاغية وسهيل سليمان، أصحاب الفكرة، أن يقتربوا أكثر ما يمكن من تصوّر مي، لما يجب أن يكون عليه المعرض الفنّي. من هنا تأتي دلالة اسم المعرض «كونتينووم» وهو يعني «استكمال» مسيرة مي، كما يشرح الفنان التشكيلي سهيل سليمان المقيم في لندن. ويعترف بأنّه لم يكن يشاطرها إيمانها بالحياة الثقافيّة في لبنان، وسعيها إلى إحداث تغيير فيها، إلّا أنّه يشعر الآن، بعد رحيلها، بضرورة الحفاظ على إرث مي غصوب.
كلّ شيء في المعرض يبدو مرتبطاً بهذه الفنّانة «المكرّمة». المنحوتات الحركيّة الثلاث، المستلّة من ورش البناء التي يعرضها سليمان في «كونتينووم»، عرضها سابقاً في معرض «بيروت خارج الحرب» Beirut out of war الذي جمعه بغصوب وآرا أزاد في مدينة ليفربول الإنكليزيّة. وأعمال أزاد المعروضة بدورها مستوحاة من نصوص كتبتها صاحبة «وداعاً بيروت».
أمّا حفلة المعرض الختاميّة مساء اليوم، فتتضمّن قراءات شعريّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّة وأدبيّة لكلّ من: عباس بيضون ورشيد الضعيف وأنطوان أبو زيد وأنطوان بولاد وروزان خلف وميشكا موراني. ويقوم فيها آرا أزاد بالرسم أمام الجمهور، بمرافقة موسيقية من أريك وآلين داكيسيان، زياد سحّاب ورمزي خطّار. كذلك يستضيف المعرض في حفلته الختاميّة فرقة «كبويرا سُبرِفيفنته» لفنّ الكبويرا البرازيلي الذي يجمع بين الفنون الحربيّة والرقص.
التظاهرة الفنيّة تغطّيّ مؤسّسة Prince Claus Fund الهولنديّة جزءاً من ميزانيّتها، يوضح لنا صديق مي الفنان سهيل سليمان. «أولاً، لأنّهم اعتبروا أنّ هذا المعرض مشروع ثقافي مهم، وثانياً من أجل تكريم مي التي كانت عضواً في لجنة التحكيم التي تمنح جوائزَ ثقافيّة باسم المؤسّسة»، كما أنّ «دار الساقي» شاركت في رعاية هذه المبادرة احتفاءً بملهمتها.
تقود خطى مي، دوماً، هذا الفريق، المصمّم على تحقيق تطلّعاتها ونظرتها إلى الحياة الثقافيّة في هذا البلد. وبما أنّها كانت تحب جمع الفنّانين بمختلف انتماءاتهم وتيّاراتهم تحت سقف واحد، وتغيير نظرة اللّبنانيين إلى الفنّ، بحسب سليمان، فقد قرّر هذا الفريق أن يكون المعرض فرصةً لإطلاق مؤسّسة تحمل اسم مي غصوب، هي May Ghousoub cultural initiative، هدفها خلق مساحة للعرض والإبداع، وخصوصاً للفنّانين المغمورين والجدد أو حتى الهواة. يضيف سليمان إنّ المؤسّسة لم تحدد شكلاً نهائياً لها بعد، إلّا أنّها ستعمد إلى تنظيم حدث ثقافي كلّ سنتين، قد يأخذ طابعاً مختلفاً كلّ مرة، كأن تقوم المؤسّسة بإصدار «كاتالوغ» لفنّان، مثلاً، في سنة معيّنة، أو تطلق «مسابقة» في الكتابة. كذلك، ستهتمّ المؤسّسة لاحقاً بإيجاد مكان يكون مقراً دائماً لأعمال مي غصوب المختلفة، إن كان في الكتابة أو النحت وغيره، ويسمح بتطوّر العلاقات الثقافيّة في البلد. ويصرّ سليمان على أن يكون هذا المكان خارج مدينة بيروت، ويرجّح أن يكون منطقة بيت شباب، مسقط رأس غصوب.


6:00 مساء اليوم، قصر الأونيسكو (بيروت) ــــ للاستعلام: 01/793188