الأغنياء الجدد المتحدّرون من أصول هامشيّة، المثليون، الثوار وأبطال خارجون من كتب الأدب... هؤلاء هم نجوم «الأكاديميّة» الشهيرة في لوس أنجلس هذا العام
عثمان تزغارت
ذهبت حصة الأسد في جوائز الأوسكار 2009 إلى Slumdog millionaire للبريطاني داني بويل. فقد حصل «مليونير الفقراء» (أو مليونير مدن الصفيح) على ثماني جوائز، منها أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج. جاء ذلك على حساب منافسه الأبرز «الحالة الغريبة لبنجامين باتن»، للمخرج الأميركي ديفيد فينشر (بطولة كايت بلانشيت وبراد بيت)، إذ لم ينل الشريط سوى ثلاث جوائز من أصل 13 ترشيحاً.
وأبرز مفاجآت الجوائز التي تمنحها «أكاديميّة فنون السينما وعلومها»» في لوس أنجلس كانت هذا العام فوز النجم المشاكس شون بن بجائزة أفضل ممثّل، عن دوره في فيلم Milk لغس فان سنت، الذي نال بدوره أوسكار أفضل سيناريو أصلي، وهو مقتبس عن سيرة عمدة سان فرانسيسكو هيرفي ميلك الذي كان أوّل سياسي أميركي جاهر بمثليّته، ثمّ اغتيل عام 1978. خاطب شون بن الأكاديمية الهوليودية ساخراً، لدى تسلّمه «أوسكار أفضل ممثّل»: «أشكركم على منحي هذه الجائزة، يا عشّاق المثليين المؤيّدين للشيوعية». وأضاف «أعتقد أنّ الوقت قد حان لأولئك الذين صوّتوا لمنع زواج المثليين في كاليفورنيا لأن يشعروا بالعار...». هذه المرّة الثانية التي يحصل فيها بن على جائزة أوسكار، بعدما فاز بجائزة أفضل ممثّل عن دوره في فيلم كلينت إيستوود «ميستيك ريفر» عام 2003.
وكانت إحدى اللحظات المؤثّرة في حفلة الأوسكار، لهذا العام، منح النجم الأوسترالي الراحل هيث ليدجر أوسكار أفضل ممثّل في دور ثانوي، عن أدائه الباهر في دور شخصية «الجوكر» في فيلم «باتمان» الأخير «فارس الظلام»، وأصبح بذلك ثاني ممثّل ينال الجائزة بعد وفاته، بعد الممثّل الأوسترالي الراحل بيتر فينش عام 1976.
وكما كان متوقّعاً، فازت النجمة البريطانية كايت وينسلت بجائزة أفضل ممثّلة، عن دورها في «القارئ»، للمخرج البريطاني ستيفان دالدري. أما زوجها المخرج سام مانديز، فلم يحظ بالحفاوة نفسها، بل عاد فيلمه بخفّي حنين. نقصد «طريق الثورة» الذي تقاسمت بطولته مع ليوناردو دي كابريو، والذي كان قد ترشّح لخمس جوائز. ونالت النجمة الإسبانية بينيلوبي كروز أوسكار أفضل ممثّلة في دور ثانوي عن أدائها في فيلم «فيكي كريستينا برشلونة» لوودي ألن.
وحظي أوسكار أفضل سيناريو مقتبس عن عمل أدبي باهتمام خاص. ذلك لأنّ أبرز الأفلام المتنافسة مقتبسة عن أعمال روائية، من «الحالة الغريبة لبنجامين باتن» المقتبس عن قصة لسكوت فتزجيرالد، و«القارئ» المقتبس عن رواية برنهارد شلينك، و«طريق الثورة» المقتبس عن رواية ريتشارد ياتس... وصولاً إلى «مليونير الفقراء» المقتبس عن كتاب الدبلوماسي الهندي فيكاس سواروب. في النهاية، فاز «المليونير» بجائزة أفضل سيناريو، ومعها أيضاً أغلب الأوسكارات التقنية (أفضل تصوير، أفضل مونتاج، أفضل صوت، أفضل موسيقى). أما «بنجامين باتن»، فلم ينل من الأوسكارات التقنية التي كان أوفر الأفلام المرشّحة لها حظاً، إلا ثلاث جوائز، وهي أوسكار أفضل ماكياج وأفضل مؤثرات بصرية وأفضل إدارة فنية. هذا أمرٌ يعدّ نادراً جداً في هوليوود. فـ«مليونير الفقراء» أُنتج بميزانية محدودة، من دون أي نجوم معروفين، ويروي قصة هامشية ليتيم يقيم في إحدى مدن الصفيح، قرب بومباي، يفوز في برنامج «من سيربح المليون؟».
وخلافاً لمعظم التوقعات، أفلتت جائزة أفضل فيلم أجنبي من الفرنسي لوران كانتي عن فيلمه «بين الجدران» (السعفة الذهبية في «كان»)، ومن الإسرائيلي آري فولمان عن «رقصة فالس مع بشير»، ومن الألماني يولي إيدل عن «عصابة بادر ـــــ ماينهوف»، إذ سلبها منهم الياباني يوجيرو تاكيتا عن فيلمه Departures.
أما جائزة أفضل فيلم وثائقي، فقد عادت إلى Man Of Wire للمخرج جايمس مارش والمنتج سيمون شين. وهو فيلم يروي سيرة المغامر الفرنسي فيليب بوتي، المولع بتسلّق ناطحات السحاب، ونجح عام 1974 في نصب حبال متحركة فوق برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، للتجوّل بين سقفي البرجين، ما أكسب البرجين شهرةً عالميةً، وذلك قبل ربع قرن من تدميرهما في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.