بيار أبي صعبمنى مرعي تلعب مع اللغة، مع المجال البصري، مع الخيال، مع السرد. تتلاعب مع قارئها. الكتابة لديها حقل تجريب، يتجاوز الأدب إلى الفنون المعاصرة. هل يمكن أن نقول إن عملها الأوّل هو بين الكتابة القصصيّة والتجهيز؟ ثلاث قصص فقط: «رسالة إلى سوبرمان»، و«فيرونيك والكعب العالي»، و«خارج نطاق الخدمة» التي أعطت اسمها للمجموعة (الدار العربيّة للعلوم ــــ ناشرون). تنتمي المبدعة اللبنانيّة الشابة إلى جيل تتداخل عنده الأشكال الفنيّة، فيخرج السرد من اللغة ليحتل مكانه في الأبعاد الثلاثة. وتجربتها الأولى، غير القابلة للتصنيف، تستحق اهتماماً خاصاً. المهم ليس الشاب الذي يحاول أن يكتب رسالة إلى سوبرمان، ولا فيرونيك التائهة في محل الأحذية، ولا الرجل الخمسيني الذي رمى نفسه في البحر «في محاولة لإنقاذ عالمه الخلوي»... المهم هو الفراغ الذي يحيط بالناس والأشياء، وتلك الحيرة أمام العالم. بطلها الأول (لم يعد) ينتظر سوبرمان على سطح بيته الذي لا يطلّ على شيء في رومية. «يبدو أنني سأستعيض عنك يا سوبرمان بالمجدرة»: الجملة الأولى في الكتاب، الأخيرة في الحكاية، تختزن حياة كاملة. ماذا بقي من حشد الكلمات التي كتب لها أن تخلّص العالم... أو تنقذ من بياضها صفحةً فتحت سهواً على «المدعو وورد»؟ لا شيء إلا جملة واحدة تتوسّط شاشة الحاسوب. كان يفترض ببطل منى أن ينجح، حيث فشل الرجل الخارق (الذي وصل متأخراً)، في إنقاذ وردة من ذبولها... لكنّه اشتاق فجأة إلى أهله. القصص نفسها مرسومة، تقرأ أيضاً بالابهام. تكرج الصفحات، تترك الرسوم بصماتها المتعاقبة على شبكة العين. إنه كتاب متحرّك يردم الهوّة بين الكلمات وظلالها.