إنّه أوّل مشروع سينمائي جدّي في مصر لتجسيد عيسى الناصري. السيناريو الذي يقتصر على السنوات الأولى ليسوع، بات اليوم جاهزاً، في انتظار موافقة المرجعيات الدينيّة، وكاتبه فايز غالي يعد بعمل عالمي. من يمثّل دور مريم؟ ويوسف النجار هل يجسّده عمر الشريف؟
محمد عبد الرحمن
بعد صمت طويل حول المشروع السينمائي الأكثر إثارة للجدل في العامين الأخيرين، عادت الحياة من جديد إلى شريط «المسيح» المصري الذي انتهى فايز غالي من كتابته أخيراً، تمهيداً لعرضه على الكنيسة المصرية. مواقع إلكترونية عدّة تطرّقت إلى الموضوع، فيما يبدو أنّ الكنيسة ترحّب بالعمل، شرط أن يؤدي الأدوار ممثّلون من الطائفة الأرثوذكسية! منتجو الفيلم كانوا في الأصل ثلاثة: إسعاد يونس ومحمد جوهر ومحمد عشوب، لكن الأولى عادت فانسحبت من المشروع. ويتردّد أن الميزانية المرصودة بلغت 50 مليون جنيه (حوالى 10 ملايين دولار). أما مصادر الفيلم فتفيد بأنها لم تُحدّد بعد نهائيّاً، لكنها ستكون مفتوحة.
السينارست فايز غالي أكّد لـ«الأخبار» أنّ «السيناريو انتهى بالفعل هذا الأسبوع، بعد 14 شهراً من الكتابة». إذ أوقف كلّ مشروعاته لإنجاز المشروع الذي دخل الآن مرحلة جديدة، هي عرضه رسمياً على الكنيسة المصرية للحصول على الموافقة التي يتمنى أن تأتي من دون تعقيدات. وأكدّ «أن أية تغييرات تتعلق بتاريخ الدين المسيحي ستكون مقبولة»، وإن كان قد اعتمد على أكثر المصادر دقة لكتابة الفيلم الذي لم يحدد اسمه النهائي بعد. ثم يستدرك: «لكن أي اعتراضات قد تؤثر على البنية الدراميّة وتحوّل الشريط إلى عمل وثائقي، ستواجه بالرفض»، وفق تأكيدات غالي الذي ينتمي إلى الكنيسة نفسها. المشروع يحتاج برأيه إلى ممثّلين ذوي خبرة وموهبة، وهو غير مستعدّ لتكليف ممثّل بأداء شخصية رئيسية لمجرّد أنّه «مسيحي أرثوذكسي»!
إلا أنّ ما سبق مجرد تفاصيل، لأنّ العمل لم يعرض على الكنيسة بعد، وبالتالي كلّها فرضيات سابقة لأوانها. ويرى غالي «أنّ الفيلم إذا لم يخرج بمستوى عالمي من دون أية تنازلات، فلا مبرر لإنتاجه من الأساس». يتناول العمل سنوات الطفولة فقط في عمر المسيح. فقد سبق لأفلام كثيرة أن تناولت حياته كاملةً، وجاءت تجربة ميل غيبسون الذي قدّم آخر 12 ساعة في حياته عبر فيلمه «آلام المسيح» لتلهم فايز غالي. هكذا، قرّر تقديم المسيح طفلاً في عامه الثاني حتى السادسة بعد رحلة مريم ويوسف. مخرج الفيلم الذي لم يتحدّد بعد، سيحتاج حتماً إلى طفل ذكي بإمكانه أن يوحي بما يتصوّر الجمهور أنّه المسيح صغيراً، كما أنّه سيحتاج إلى فتاة يتراوح عمرها بين 15 و 20 عاماً لتجسيد شخصية مريم العذراء. أمّا الشخصية المحورية الثالثة فهي يوسف النجار التّي رشّح لها الممثّل عمر الشريف... لكنّ الأمور تتوقّف الآن على موافقة الكنيسة أوّلاً، ثم بدء الإجراءات الإنتاجية، وأوّلها اختيار المخرج. وأكد غالي أنّ التركيز على المسيح طفلاً لم يأت هروباً من مشهد الصلب الذي سيكون أوّل مشاهد الفيلم، وتتذكّر مريم العذراء بعد ذلك ما مرّت به في رحلة العائلة المقدّسة.
أما المدة التي استغرقتها كتابة السيناريو، فتبدو منطقية بالنسبة إلى فايز غالي. العمل كان يحتاج إلى التدقيق الديني والتاريخي، وإضافات درامية مستوحاة من خياله كمؤلف. لأنّه أراد منذ البداية الابتعاد عن أيّ شكل وثائقي، حتى يتميّز الفيلم عن مئات الأعمال الفنية التي قدمت تاريخ الدين المسيحي. ويشدد هنا على أنّ الفيلم لن يغضب المسلمين، وسيكون صالحاً للعرض لكل فئات الجمهور، لكونه عملاً سينمائياً في الأساس. طبعاً سنبقى متفائلين، ولن نتساءل عما يمكن أن يؤول إليه مثل هذا المشروع، بين الخوف من غضب السلطات الكنسيّة، والحذر من خدش المزاج العام لدى المسلمين!
فالقرّاء يذكرون، ربّما، أنّ مجرّد إعلان المخرج الأردني محمد عزيزية عن الإعداد لفيلم «المسيح العربي» العام الماضي، قوبل بحملة هجوم ثنائية من الكنيسة والأزهر في مصر. إذ اعترض ممثّلو الكنيسة على تقديم الفيلم من وجهة نظر إسلامية ترفض قصة صلب المسيح على حدّ تصريح المخرج الأردني... فيما أكد الأزهر استمرار رفض تجسيد الأنبياء على الشاشة. لكنّ المشروع سرعان ما اختفى، وسكت عزيزية عن الكلام المباح. أما في حال فيلم فايز غالي، فإنّ موافقة الكنيسة قد تساعد على إمرار العمل، بعدما صرّح شيخ الأزهر عبد المعطي بيومي وعضو البرلمان في وقت سابق بأنّ موافقة الكنيسة تجعل العمل شأناً مسيحياً. وربّما كانت تركيز السيناريو على طفولة المسيح من العوامل التي تسهّل الأمور على الفنّانين، علماً بأنّ شركات التوزيع المصرية نجحت قبلاً في تسويق فيلم ميل غيبسون الذي عرض في مصر، محقّقاً نجاحاً كبيراً وقتذاك. يُذكر أنّ هناك فيلماً لبنانياً آخر سيروي سيرة المسيح من وجهة نظر مريم المجدلية، وستُنتجه «مروى غروب»، وتكتبه حالياً كلوديا مرشليان. ويفترض أن يبدأ تصويره في الربيع.


الأغنية التي رفضها محمد منير

قد ينجح فيلم «المسيح» في تجاوز دائرة المحظورات. أما أغنية «المسيح» التي غنّاها عبد الحليم حافظ في نهاية الستينيات، فقد أثارت حفيظة المطرب محمد منير وتحفظاته. فقد رفض الأخير إعادة غنائها ضمن مجموعة أغنيات الشاعر عبد الرحمن الأبنودي التي ستقدّم في مسلسل يروي سيرة الشاعر الكبير. رأى منير أنّ «الأغنية رغم جمالها، تحمل عنصرية غير مباشرة، إذ تنتقد الديانة اليهودية لا السياسة الإسرائيلية أو المشروع الصهيوني». وكان العندليب الأسمر قد غنّى «المسيح» مرات معدودة بعد حرب 1967، أبرزها خلال حفلة كبرى في لندن خُصّص إيرادها لدعم الجيش المصري في حرب التحرير.