الياس مهديكذلك عادت الصحف لتجترّ وعوداً سياسية بفتح قنوات تلفزيونية لـ«القرآن الكريم» و«الأمازيغية» وقناة «تربوية»، وأخرى «برلمانية» لبث جلسات برلمانية علنية.
وعلى رغم أن برنامج الحكومة الجديدة بعد تعديل الدستور ينصّ على فتح قنوات جديدة، فإنها لن تكون قنوات خاصة أو مساهِمة في «انتعاش» حرية الرأي والتعبير في الجزائر، لأن ذلك من
«المحرمات».
من جهة ثانية، انتهت معركة داخلية في مبنى التلفزيون الرسمي إلى «إقالة» مديره العام حمراوي حبيب شوقي القريب من النظام. وفي التفاصيل أن حمراوي أصدر قراراً بطرد مدير الأخبار في التلفزيون إبراهيم صديقي ـ الذي يحظى بنفوذ قوي في هرم السلطة ـ ما أدى إلى إقالته هو الآخر بقرارٍ رئاسي. إذ جرت العادة أن تصدر قرارات التعيين والإقالة بقرارٍ شفهي من رئيس الجمهورية شخصياً.
ومن ضمن لعبة تغيير الأدوار أيضاً، أعاد الرئيس مدير إعلامه السابق توفيق خلّادي ـ الذي أقاله بسبب خطأ مهني ـ فعيّنه على رأس الإذاعة الجزائرية. كما رقى المدير السابق للإذاعة ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين عز الدين ميهوبي إلى كاتب الدولة للإعلام، تكريماً له ـ على ما يبدو ـ لحملة توزيع الأعلام الوطنية التي أبدعها عشية ذكرى اندلاع الثورة. وكان ميهوبي قد قضى فترة من «الحرمان» و«الإقصاء» من مناصب المسؤولية، قبل أن يعيده الوزير الأول أحمد أويحي ورئيس الحزب الموالي له (التجمع الوطني الديومقراطي) إلى هرم الإذاعة. في هذه الأثناء لم يصدر عن ميهوبي منذ تعيينه في منصبه الجديد أي قرار يوحي بأنه سيغيّر شيئاً في قطاع الإعلام.
وفي ظل هذه التوازنات والمعطيات، تظلّ الصحافة المكتوبة الجزائرية تكافح في سبيل حريتها. وتواجه الصحف القليلة التي بقيت خارجة عن طاعة السلطة، مشاكل عدة ومواجهات مع السلطات أهمها حجب مدخول الإعلانات عنها.
أما الحديث عن إنجازات الإعلام عام 2008، فيبدو مؤجلاً، إذ إنّ التلفزيون الرسمي لم يحقق ما يشفي غليل مشاهديه، الا برنامجاً عن مسابقة لحفظ القرآن وترتيله يدعى «فرسان القرآن»، وصف على أنه من أفضل ما أنتج التلفزيون منذ الاستقلال!
ويبقى المشهد الإعلامي في الجزائر بعيداً عن أي تغيير إيجابي محتمل على الأقل حتى عام 2012! أما من شاء من الجزائريين أن يتنفّس القليل من الحرية الإعلامية فلا بديل له عن «الصحون اللاقطة» المنتشرة فوق سطوح العمارات. وحتى هذه الحرية أصبحت ممنوعة في الجزائر إذ إن الفضائيات العربية كـ«الجزيرة»، غير مرغوب فيها إلى أجل غير مسمى.