ليال حدادمن خلف شاشات الحواسيب بدأت الحرب الأخرى. إنّها المعركة الإلكترونية بين الفلسطينيين ــــ والعرب والمسلمين ــــ والإسرائيليين. اختراق ونقاشات وتهديدات وشتائم، هذه هي حال المواقع والمنتديات الإلكترونية منذ بدء العدوان على غزة. انطلقت هذه الحرب غداة بدء الهجمات الإسرائيلية على القطاع، واشتدّت مع بدء الاجتياح البرّي أوّل من أمس. إذ تمكّن قراصنة فلسطينيون من اختراق النسخة الإنكليزية لموقعي صحيفتي «يديعوت أحرونوت» و«معاريف»، ووضعوا على صفحتيهما الرئيسيتين صور الشهداء الفلسطينيين، وصور تعذيب الأسرى في سجن أبو غريب في العراق. كما تمكّن القراصنة من اختراق مواقع حكومية وتجارية إسرائيلية، منها موقع «بنك ديسكاونت إسرائيل».
وكانت الإذاعة الإسرائلية أعلنت عن اختراق «حماس» لبثها. إذ استطاع القراصنة الفلسطينيون من بثّ رسائل عبر أثير الإذاعة، تدعو إلى «تصعيد المقاومة في غزة» وتعد الإسرائيليين بردّ «مفاجئ» على المجازر.
الفلسطينيون ليسوا وحيدين في المعركة. إذ هبّ القراصنة العرب والأتراك إلى نجدة زملائهم في غزة. هكذا قامت مجموعة «أيلديز تيم» التركية الشهيرة ــــ وكانت الأصوات الأوروبية المطالبة بملاحقتها قانونياً قد ارتفعت في السنوات الماضية ــــ باختراق مواقع إسرائيلية وأخرى غربية، منها موقع لإحدى شركات التأمين الأوسترالية، وكتبوا على صفحته الأولى رسائل معادية «للدولة الصهيونية العنصرية».
كذلك ظهر الـ«هاكرز» المغاربة على ساحة الصراع الإلكتروني، حيث ذكرت صحيفة «المساء» المغربية أن قراصنة تمكنوا من اختراق موقعَي وزارة المالية ووزراة الداخلية الإسرائيليَتَين.
وإن كان الفلسطينيون والمسلمون ينشطون في اختراق المواقع الإلكترونية، فإن إسرائيل وجدت طريقةً أخرى تقود فيها حربها على الشبكة العنكبوتية: إنّه «يوتيوب». إذ أصبح الجيش الإسرائيلي أول قوة منظمة تملك محطته الخاصة على الموقع. وعرض الجيش «فيديو» زعم أنّه يمثّل مقاتلين في حركة «حماس» وهم ينقلون الأسلحة والصواريخ. ثوانٍ قليلة ويتغيّر المشهد، «لقد تعرّض هؤلاء الإرهابيون للقصف من جيشنا» يقول الشريط!
وهذه ليست المرة الأولى التي ينشر فيها الإسرائيليون أشرطة فيديو في محاولة للتأثير على الرأي العام العالمي، إذ سبقت عملية تبادل الأسرى الأخيرة، حملة كبيرة ضدّ سمير القنطار حيث وضعت أكثر من شريط يذكّر بالعملية التي قام بها في نهاريا.
إلى جانب «يوتيوب»، لجأ الإسرائيليون إلى «تويتر»، وهو موقع للعلاقات الاجتماعية، حيث عرضت القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، محاضرات مباشرة على الموقع، مشجعةً ومبرّرة العداون على غزة.
من جهة ثانية، شهدت المنتديات العربية والإسرائيلية على حدٍّ سواء نقاشات حادّة وتهديدات بين الأعضاء. «كم طفلاً يجب أن يموت قبل أن تدرك إسرائيل فظاعة ما تفعله» تسأل إحدى العضوات في منتدى israel forum، لتنهال عليها الإهانات من كل حدب وصوب. وعلى «فايسبوك»، لم يكن الوضع أفضل بكثير، إذ تسابقت المجموعات الإسرائيلية والعربية على حشد أكبر عدد من الأعضاء. ولعلّ المجموعة التي شهدت أكثر النقاشات حدّة كانت تلك التي اتهمت مصر بالتواطؤ مع إسرائيل ضدّ الفلسطينيين، وهو ما أثار استياء عدد من المصريين الذين رأوا أنّ مصر فعلت ما بوسعها «ولا تستطيع أن تعرّض مستقبلها للخطر فداء لفلسطين» كما كتب أحد الأعضاء.