مسلسل جديد من إخراج رشا شربتجيمنار ديب
بدأت الدراما السورية موسمها لهذا العام مبكراً، فقد انطلقت أخيراً عمليات التصوير لعدد من المسلسلات في أكثر من موقع سوري. ولعلّ أبرز هذه الأعمال هو مسلسل «العار» الذي يُتوقّع أن يُعرض في رمضان ويحقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً، إذ يحمل توقيع الكاتبَين نجيب نصير وحسن سامي يوسف. إضافة إلى أنّ نصير وسامي يوسف هما الأقرب إلى مفهوم الاحتراف في ساحة الكتابة الدرامية السورية، فإنّهما الأكثر قدرةً على صناعة دراما واقعية إنسانية مشغولة بالحاضر، لا تخشى من طرح الأسئلة الجريئة من دون إثارة. هكذا، يتعاون الكاتبان في هذا العمل مع مخرجة «مجتهدة» هي رشا شربتجي، قدمت أخيراً أعمالاً لافتة في سوريا ومصر كـ«يوم ممطر آخر» و«شرف فتح الباب»، وهو عامل إضافي يُتوقّع أن يسهم في نجاح العمل.
«العار» الذي تنتجه شركة «عاج»، من بطولة النجمَين بسام كوسا وتَيم حسن، وبمشاركة الفنانة المعروفة منى واصف، ونضال سيجري، سلافة معمار، مكسيم خليل، ندين تحسين بك... وآخرين. وكان حسن وكوسا قد التقيا في مسلسل «الانتظار» عام 2006 مع الكاتبَين نفسيهما، والمخرج الليث حجو، وهو العمل الذي سيبقى طويلاً في ذاكرة الدراما السورية. إذ تناول «الانتظار» بيئة العشوائيات التي تشكّل النقيض للحارة الشعبية، بما في هذه البيئة من شعور بالمؤقت وعدم احتوائها على تقاليد تحمي الفرد. في الإطار نفسه، يعود «العار» إلى هذه البيئة مع توسيع الدائرة قليلاً. هذه البيئة كما هو معروف ظلّت مغرية لصنّاع الدراما، صوّرها نصير وسامي يوسف في «أيامنا الحلوة» مع المخرج هشام شربتجي، وشاهدناها مع مسحة من الكوميديا في «بكرا أحلى» للكاتب محمد أوسو والمخرج محمد شيخ نجيب. لكن أوسو سيستثمر نجاح «بكرا أحلى» ليقدّم عملَين هما «كسر الخواطر» و«كثير من الحب كثير من العنف» اللذان يدوران في البيئة نفسها، إلا أنّه سيذهب صوب الكاريكاتور وتحويل النماذج البشرية إلى مادة للتندّر، بعيداً عن المعالجة العميقة التي تميّز عمل نصير ويوسف.
هكذا ينطلق الكاتبان من انحسار الطبقة الوسطى، جرّاء تردّي أوضاعها الاقتصادية، وهبوطها إلى حالة من الفقر وانضمامها الحتمي إلى بيئة العشوائيات التي تضمّ أناساً متعلّمين من فئة الموظفين تحديداً، لا نماذج غرائبية مسلية فحسب. الخط الرئيسي في مسلسل «العار» هو حكاية عائلة أبو منذر (خالد تاجا) الموظّف الذي ينوي بيع بيته مع ارتفاع أسعار العقارات ليشتري ثلاثة بيوت له ولولدَيه، منذر المتزوج (إياد أبو الشامات)، ونورس (مكسيم خليل) الموظف الذي صار في سنّ الزواج. وهذه الحكاية البسيطة هي قصّة عدد من العائلات السورية التي بات يصعب على أولادها تكوين أسرة من دون دعم ماديّ من أهلهم. ولأبي منذر أيضاً ابنتان هما بثينة (سلافة معمار) التي تجاوزت الثلاثين ولم تتزوّج فتفرغت للاهتمام بأسرتها وتلبية طلباتها، ورانيا (كندة حنا) الطالبة الجامعية.
وفي سياق الأحداث، تقع بثينة في غواية جميل (تيم حسن) زوج صديقتها صباح (قمر خلف)، فتتزوّجه عرفياً ـــــ وهي ظاهرة لم تشع بعد في المجتمع السوري ـــــ لكنّها تحمل منه، ويدفعها الخوف من افتضاح أمرها إلى التخلص من الجنين. لكنّ الأمر لن يبقى سراً فتهرب بثينة من المستشفى. وبينما يتظاهر أفراد عائلتها بأنّهم مشغولون بغسل هذا «العار»، تُظهر الأحداث أن كلّاً منهم غارقٌ في شؤونه ومشاكله الشخصية، بل تسود حالة من الارتياح لاختفاء بثينة من حياتهم. وإذا كان جميل سيبحث عن بثينة، بل سيقدّم نفسه إلى أهلها على أنّه زوجها، إلا أنّ بثينة سترفض الاستمرار بمشروع الزواج وستعود إلى منزل العائلة لتواصل حياتها القديمة. إلى جانب هذا الخط الرئيس، ينطوي العمل على خطوط أخرى والعديد من الشخصيات الثانوية، ليطرح قضايا أخلاقية ومعاشيّة كالفساد وصراع المال والقيم، وصراع المفاهيم التقليدية والحديثة. ويحاول العمل ـــــ من خلال نماذجه البشرية ـــــ التوغّل في أبعاد ظواهر كالازدحام السكاني وانعكاسها على السلوك، مولياً اهتماماً لوضع المرأة وظروفها الاجتماعية الصعبة. يذكر أنّ «العار» الذي يعرّف بيئته بوضوح على أنّها دمشق اليوم، يتواصل تصويره في أماكن حقيقية في منطقة الدويلعة.


«قاع المدينة»

يبدو أن بيئة العشوائيات أو «المخالفات» كما يقال في سوريا، لا تزال مادة مغرية للمنتجين السوريين، إذ يُنتظر أن تبدأ شركة «عاج» بتصوير مسلسل جديد بعنوان «قاع المدينة» خلال الأيام المقبلة. والعمل الذي كتبه محمد العاص ويخرجه سمير حسين، يصوّر مناطق العشوائيات وأحزمة الفقر المحيطة بدمشق مسلّطاً الضوء على حياة الناس المهمّشين، ويؤدّي بطولته أيمن زيدان وباسم ياخور وصبا مبارك. لكن جرت العادة على أن يحظى هذا النوع من الأعمال المحلية بالاهتمام في سوريا من دون أن ينسحب ذلك على المشاهد العربي الذي بات ينتظر من السوريين دراما حارة شعبية أو أعمالاً تاريخية. إلى ذلك، تنوي «عاج» إعادة تقديم المسلسل الشهير «أسعد الوراق» (1975) أحد كلاسيكيات الدراما السورية، بنسخة جديدة يعيد كتابتها كمال مرة ويخرجها رضوان شاهين وسيتم إنتاجها بالتعاون مع مؤسسة «دبي للإعلام».


تيم حسن