الاجتياح الإسرائيلي للقطاع قلب المعادلات وغيّر المشاريع. انهالت الأغنيات المتضامنة، وتأجلت المهرجانات الفنيّة إلى أجل غير مسمّى. غِلبتِ أكتب أغاني مش لاقي كلام... يا «غزة»
فاطمة داوود
«غزّة جريحة يا عرب» صرخة أطلقها عاصي الحلاني لدى رؤيته المجازر التي تُرتكب في القطاع. الفنان اللبناني وجد نفسه أمام أسى عميق لم ينفّس عنه سوى بكلمات أغنيته. هو يدرك تماماً أنّ أي أغنية لن تؤثّر في قرارات مجلس الأمن أو تعجّل في انتهاء العدوان، لكنه يرى أنّ «الأغنية تعبيرً عن موقف شخصي، وبادرة تضامن مع شعب معذّب يتعرّض لأبشع أنواع العدوانية والوحشية». واللافت أن الفيديو كليب المرافق للأغنية والموقّع باسم المخرج عادل سرحان، جاء ليعكس الحالة التي يعيشها كل مشاهد قابع أمام شاشات التلفزيون، يتابع شريط الأخبار وملحق «عاجل» طيلة النهار، فينتابه شعور بالعجز
والسخط.
الحلاني لم يكن الوحيد الذي أطلق مبادرة تضامن مع أهل غزة، فالفنان العراقي ماجد المهندس أيضاً، سجّل موال «يا غزّة لا تبكي» ـ كتبها الشاعر والملحن فائق حسن ـ وبدأت الإذاعات العربية ببثّها الأسبوع الماضي. وعبّر المهندس في اتصال هاتفي مع «الأخبار» عن حزنه العميق لما يجري، «صدمتُ سابقاً لما جرى في لبنان عام 2006 واليوم نفجع بأطفال غزّة ونسائها وشبابها، وهذا يضاف إلى الأسى الذي يعيش معي يومياً كلمّا رأيت بلدي في حال سيئة». واستنكاراً لما يجري في فلسطين، صوّر الفنان اللبناني وليد توفيق فيديو كليب لأغنية «فكّوا الحصار»، مستعرضاً مقتطفات لصور المجازر والقصف المتواصل على غزّة. وقد أكد توفيق أن أغنيته هي دعوة لكل الأطراف المعنية بهذه القضية كي «يفكوا الحصار ويفتحوا المعابر أمام الفلسطينيين».
وكما في لبنان والعراق، تحرّكت مشاعر بعض الفنانين المصريين، فأصدر النجم الشاب تامر حسني للمرّة الأولى أغنية عبّرت عن حيرته إزاء ما يجري، فتساءل في أغنيته «ترابك يا فلسطين تاج على راسي، أمشي أتباهى بيه بين أهلي وناسي، يا رب مش عارف أنا أعمل إيه، يا رب قدرهم على اللي هما فيه، مش عارف أعمل حاجة، نفسي أعمل حاجة، شايف أخويا بيتعذب وأنا بتفرّج عليه». كذلك كان المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم أول من سجّل أغنية متضامنة مع أهل غزة. وتقول الأغنية «غلبت أكتب أغاني مش لاقي كلام يتقال، اللي بيحصل في غزة حرام ده ولا حلال... قنابل نازلة طالعة على الأرض وعلى البيوت، والدنيا في غزة والعة والناس عماله تموت... يا عالم حد يلحق يا عالم حد يحوش، إن شا الله حتى بجزمة زي اللي خدها بوش».
أما فنانو الخليج، فكانت لهم مشاركة واحدة في الهمّ الفلسطيني. إذ قدّم الفنان السعودي راشد الماجد أغنية «غزّة» التي لم تصوّر على طريقة الفيديو كليب، فبقيت أسيرة الإذاعات. ومن الأردن صدح صوت الفنان الشاب طوني قطّان بأغنية «فلسطين رح ترجع» بعدما صوّرها على طريقة الفيديو كليب وبدأت القنوات الأردنية بثّها الأسبوع الماضي. وداخل فلسطين، كانت هناك محاولات فنية محدودة خارج إطار الأناشيد الوطنية التي بثّها تلفزيون «الأقصى» التابع لحركة «حماس»، فطرحت أغنيتان بعنوان «إحنا غزّة» لفرقة «ماكس نابلس» و«غزّة تنهار» من إنتاج شركة «سبيد». وكلمات الأغنية تقول «نار ودخان... قذائف في كل مكان... صراخ وجثث تهزّ الأبدان... أين أمي يا عرب الإسلام؟ أين أبي يا أمة الإسلام؟ أين إخوتي يا من له إحساس... في كل مكان؟ لم الصمت والخذلان؟ يا أمة الإسلام غزة تنهار... غزةّ تنهار؟».
لكنْ إضافةً إلى الإصدارات الفنية الجديدة، اتخذت اللجان المنظّمة لبعض المهرجانات العربية قرارات متتالية بإلغاء مظاهر الفرح والاحتفال، وفي مقدّمتها اللجنة العليا لمهرجان «هلا فبراير». كذلك أجّلت اللجنة المنظمة لمهرجان «ليالي فبراير» وهي لجنة مشتركة بين شركة «روتانا» وتلفزيون «الوطن» كل فعاليات المهرجان بعد مطالبات عدّة لأعضاء مجلس الأمة الكويتي بعدم نشر أجواء البهجة في ظل العدوان الوحشي على غزة. وفي قطر، ألغت اللجنة المنظمة لمهرجان «الدوحة للأغنية» الدورة العاشرة من المهرجان «تضامناً مع الفلسطينيين في محنتهم».