أخبار وشهادات وتجارب يكتبها أهل القطاع عن أيامهم في الجحيم... يوميات الحرب صلتهم الوحيدة مع العالم الخارجي، ومصدر معلومات لوسائل الإعلام
ليال حداد
صيف 2006. الطائرات الإسرائيلية تقصف لبنان وتحاصر برّه وبحره وتحوّله إلى أرض معزولة عن محيطها. وسط هذا الحصار، وجد اللبنانيون طريقهم إلى العالم: إنّها اليوميات التي انتشرت كالفطر على المدوّنات. كتب هؤلاء تفاصيلهم اليومية تحت النار، ورووا فظاعة ما عايشوه وأخبروا العالم عن حقيقة ما يجري بعيداً. مرتّ سنتان وخمسة أشهر... وعاد العدوان، لكن هذه المرّة على غزّة. القطاع الذي طال حصاره، استعاد التجربة اللبنانية. عشرات المدوّنات سجّلت الانتهاكات الإسرائيلية ومذابح الأطفال ويوميات البحث عن الخبز والماء والأمان.
هكذا، في أقل من ثلاثة أسابيع، تحوّلت يوميات غزة إلى مادة أساسية يفتّش عنها متصفّح الإنترنت بحثاً عن معلومات من قلب الحدث وعن تفاصيل شخصية لا يتطرّق إليها الإعلام. «أريد أن أعبّر عن عذاب عائلتي وشعبي» كتب محمد فارس المجدلاوي على مدونة «من غزة» fromgaza.blogspot.com مركزاً على التفاصيل الصغيرة «التي تحوّل الحياة جحيماً، كالانتظار خمس ساعات أمام الأفران وعدم الحصول على ربطة خبز». كذلك تروي ليلى الحداد، التي تقيم في الولايات المتحدة، على مدونتها «يوميات أمّ غزاوية» a-mother-from-gaza.blogspot.com، الوسائل التي تستعملها إسرائيل في حربها النفسية، كالاتصال بالفلسطينيين لإقناعهم بالتعامل معها. أمّا يوميات غزة، فتنقلها ليلى عن لسان أهلها وأقاربها في القطاع.
وعلى مدونة «في غزة» ingaza.wordpress.com، تروي ناشطة كندية الخطر الذي تواجهه يومياً في القطاع بسبب القصف الإسرائيلي، «في بداية العدوان نجوت من الموت، كنت في مركز الهلال الأحمر في جباليا، وما إن غادرنا المنطقة حتى قصفتها إسرائيل». وتعرض المدوِّنة صوراً للدمار والشهداء الذين سقطوا جراء القصف «العشوائي على بيوت المدنيين».
كذلك تحوّلت هذه اليوميات إلى مصدر معلومات بالنسبة إلى عدد كبير من وسائل الإعلام التي عجز مراسلوها عن دخول القطاع بسبب الحصار الإعلامي الذي تفرضه إسرائيل. هكذا لجأت «بي. بي. سي» مثلاً، إلى طبيب غزاوي هو جمعة السقا، لينقل لها يومياً مشاهداته وتجاربه من المستشفيات ومع الجرحى. «في الساعة الثانية فجراً، تلقّيتُ طلباً بالذهاب إلى المستشفى الذي أعمل فيه. قبيل ذهابي، تقصف طائرة الحي المجاور لنا... ثم تقصف منزلنا».