مبدعو فلسطين يقفون في وجه الغزاة... فنانات مقدسيات رسمن قرب المسجد الأقصى، و«معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى» أحيا حفلة لجمع التبرعات في رام الله، لإغاثة أطفال غزة
رام الله ـــ يوسف الشايب
المبادرة كانت من «ملتقى فنانات مقدسيات»، واللقاء كان عند باب العمود على مقربة من المسجد الأقصى. هناك، تحت عنوان «لأجلك يا غزة»، راحت مجموعة تشكيليّين ترسم أمام المارة وتنفّذ أعمالاً تعبّر عن حجم المأساة في القطاع. جاءت اللوحات لتجسّد بشاعة المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال، أبرزها عمل يجمع بين الرسم والنحت للفنانة أحلام الفقيه ويعكس الصورة الشهيرة للطفلة الفلسطينية التي تطل برأسها ميتة من بين ركام منزلها. تلك الصورة تناولتها وسائل الإعلام في العديد من دول العالم، وباتت دائمة الحضور في المسيرات التضامنية مع القطاع.
ولم يسلم الحدث الفني التضامني، من تضييق قوات الاحتلال في القدس التي تمنع أي حدث ثقافي أو فني فلسطيني في القدس من دون الحصول على إذنها. خلال هذه الفعالية التي جابت لاحقاً شوارع المدينة القديمة في القدس، اعتقلت القوات الإسرائيلية الفنان جمال أبو خضير، بينما كان يرسم لوحةً عن «الإجرام الإسرائيلي» أمام جنود الاحتلال.
إضافة إلى اللوحات، رفعت الفنانات لافتات تضامنية مع غزة، كان أبرزها جملةً ترد على لسان طفلة: «أنا لم أحمل يوماً صاروخاً. أنا لم أكتب حتى اسمه. لم أعرف يوماً له رسماًً... حتى سقط على بيتي وجعله ركاماً، وجعل عائلتي أشلاءً تجمع لكني أموت وقوفاً... فأنا من شعب لن يركع».
الفنانة مها ادعيس رئيسة الهيئة الإدراية لـ«ملتقى الفنانات المقدسيات» قالت عن الفعالية التي استقبلها المقدسيون بالترحاب قبل يومين: «هذا أقل ما يُقدَّم لقطاع غزة على طريقة الفنانات المقدسيات لنعبّر عن مدى الحزن والأسى الذي نراه عبر شاشات التلفزيون. هذه النشاطات والفعاليات ستستمر في مدينة القدس للتضامن مع أهلنا في قطاع غزة حتى دحر الاحتلال من القطاع ومن الشعب الفلسطيني بأكمله». أما الفنانة خلود صبحي، فقالت: «حضرنا لنرفع صوتنا عالياً بالريشة والألوان ليرى العالم العربي الصامت ما يحصل في قطاع غزة».
الفنانة أحلام الفقيه قدمت أكثر من عمل لافت، من بينها تلك اللوحة التي تتحدث في ثلاثة محاور عن غزة قبل الدمار وغزة بعد الدمار، وأطفال يغرقون بالدماء... وقالت: «الطفل يحلم في وطنه وبأرضه وبالسلام. المفجع أن أطفالنا يفيقون من الحلم على أصوات القصف، ومشاهد الدمار والانهيارات، وحيث تفوح رائحة الدماء في جميع أنحاء البيت».
من جهة أخرى، أطلق «معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى» حملة لجمع التبرعات لإغاثة أطفال غزة، عبر عرض موسيقي لأطفال وفتيان من طلبة المعهد وموسيقيين فلسطينيين وأجانب مساء الأحد في «قصر رام الله» الثقافي. العرض اشتمل على فقرات عدّة ارتكزت بالأساس على عروض «أوركسترا القدس للناشئين»، وتضم فتيان المعهد في كل من القدس، ورام الله، وبيت لحم، وأريحا، حيث قدموا مقطوعات كلاسيكية لعدد من أشهر موسيقيي العالم، أمثال هاندل، تشايكوفسكي، بيتهوفن... بإدارة الموسيقي إياد محمد، عميد «الأكاديمية الأردنية للموسيقى». فيما قدّمت أوركسترا النفخ التابعة للمعهد، بقيادة الموسيقي الإيطالي إيمانويل باسكالين، مقطوعات كلاسيكية أخرى بعدما بدأت الحفلة بعزف موسيقي للسلام الوطني الفلسطيني.
وفيما قدم عدد من طلاب المعهد مقطوعات من التراث الفلسطيني، علاوة على أغنيات للفنانتين الفلسطينيتين تانيا ناصر وريما ترزي، جال بعض الطلاب بآلاتهم لجمع التبرّعات النقدية من الجمهور الذي تجاوز 500 متفرج ومتضامن.
المدير العام للمعهد، سهيل خوري، أكد أنّ حملة التبرعات تتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، وهدفها إعادة ــ ولو شيئاً ــ من البسمة إلى وجوه أطفال غزة، إضافة إلى إعادة إعمار مدرسة الموسيقى في غزة، وهي حديثة العهد، مشدّداً على أنّه ليس ضرورياً أن تكون المقطوعات الموسيقية حزينة بحجم المأساة، بقدر أهمية تعبير الفتية والفتيات عن مشاعرهم بالموسيقى. وهو أقصى ما يمكن أن يقدّموه لغزة. وعبرت العازفة كريستينا عمرو (14 عاماً) عن ذلك بالقول: «أنا أحب أن أعبّر بالموسيقى عمّا يجول في داخلي، علينا أن نتوحد نحن الفلسطينيين لنقهر الاحتلال، وننهي مجازر غزة».