ليال حدادصحيفة «نيويورك تايمز» تنشر تقريراً عن التضييق الإعلامي الذي تفرضه إسرائيل في غزة. مجلة «تايم» تخصّص موضوعاً رئيساًَ في عددها الأخير بعنوان «لماذا لا تستطيع إسرائيل الفوز؟». صحيفة «ميامي هيرالد» تعنون عددها الصادر مع بداية العدوان «إسرائيل تطلب من غزة الاستعداد لحمام دم». جريدة «زمان» التركية تعلن نية إسرائيل «القضاء على جذور حضارتنا»... فهل بدأت إسرائيل تخسر حربها الإعلامية، بموازاة عجزها عن تحقيق أي تقدّم ميداني؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، فلنعد إلى الهجوم الذي تشنّه الصحف العبرية على وسائل الإعلام الأوروبية والعالمية ـــــ رغم كلّ ما نراه من تحيّز لمعظم هذه الوسائل إلى جانب إسرائيل ـــــ فتنعتها تارةً بـ«وسائل الكذب العالمية» كما جاء في «يديعوت أحرونوت»، أو بـ«وسيلة البروباغندا المعادية للسامية» كما أعلن الأستاذ في جامعة «بار ـــــ إيلان» إيتان جيلباو لصحيفة «جيروزاليم بوست». وكان هذا الهجوم قد ازداد مع صدور العدد الأخير من «تايم» الذي يصوّر على الغلاف نجمة داوود تشرق من خلف حائط تلفّه الأسلاك الشائكة (الصورة)، ما اعتبرته الصحف العبرية «مقارنةً مزعجةً بين الحرب على غزة والمحرقة النازية».
هكذا يبدو أنّ منع إسرائيل دخول الصحافيين الأجانب إلى القطاع قد انعكس سلباً عليها. وفيما أرادت الدولة العبريّة تفادي تجربة عدوان تموز على لبنان، ومنع تصوير جثث الشهداء والجرحى، تحوّل المراسل الفلسطيني الموجود في ساحة الحرب إلى مصدرٍ وحيد للمعلومات، وبات يستحيل فرض «فيلتر» رقابي على الصور والأخبار الوافدة من أرض المعركة. ورغم محاولات قوات الاحتلال الحثيثة لتحويل اهتمام الصحافة الغربية نحو سقوط صواريخ فلسطينية على المستوطنات وعقد مؤتمرات شبه يومية لتزويد المراسلين بآخر «تطوّرات الحرب على الإرهاب»، لا يزال استياء هؤلاء كبيراً، فـ«الإسرائيليون يعرفون أنه لو خيّر الصحافي بين نقل صورة الجثث وشرح أسباب شنّ الحرب، فإن صورة الموت هي الفائزة، لذلك اختاروا تحييدها...»، هكذا كتب إيثان برونر في «نيويورك تايمز» في إطار احتجاجه على منع المراسلين الأجانب من دخول القطاع.
ولعلّ الحادث الأبرز الذي أسهم في تدهور صورة إسرائيل الإعلامية كان توزيع شريط فيديو يظهر مقاومين من «حماس» مختبئين داخل مدرسة «الأونروا» التي قصفتها الطائرات، ليتبيّن لاحقاً أن الشريط يعود إلى 2007، وأنّ هؤلاء «المقاومين» الذي قتلتهم إسرائيل لم يكونوا سوى مدنيّين.
إنّها الصورة التي تسعى إسرائيل إلى محاصرتها، هي نفسها التي عكست حقيقة ما يجري، وحرّكت عشرات آلاف المسيرات العالميّة التضامنيّة مع غزّة. هل خسرت إسرائيل حربها الإعلامية؟ يكفي قراءة الصحف الإسرائيلية الغاضبة للتأكد من ذلك!