strong>زياد عبد اللهليس الطعم واحداً في «المرّ والرمان» (نجوى نجّار) و«ملح هذا البحر» (آن ماري جاسر)، العملين الأولين اللذين رفدا السينما الفلسطينية عام 2008، في مجال الأفلام الروائيّة. لكن المقاربة بينهما واردة، ليس فقط كون كل شريط هو الأوّل لصاحبته التي هي مخرجة امرأة من الجيل الجديد، بل أيضاً بهدف وضعهما في سياق إنجازات السينما الفلسطينيّة على اختلاف أجيالها من ميشيل خليفي إلى هاني أبو أسعد، مروراً بإيليا سليمان. تركيبة «المرّ والرمان» الذي كتبته وأخرجته نجوى نجّار لن تفارقه ثنائية العنوان نفسه، وتجاور المرارة مع طعم الرمان. عليه فإنّ مشهد العرس المطوّل الذي يبدأ به الشريط سرعان ما ينقضي مع حضور الاحتلال الإسرائيلي. إذ يُعتقل زوج قمر ويودَع السجن لمقاومته أمراً يقضي بمصادرة جزء من أرضه. وعليه، ينعطف الفيلم إلى تتبع مصير قمر (ياسمين المصري) في غياب زوجها (أشرف فرح) ومشاعرها التي تأخذها صوب معلّم الرقص (علي سليمان) القادم من بيروت لتدريب الفرقة التي ترقص فيها. يتحول الحب والرقص إلى ما يشبه الأفعال التي تؤكد من خلالها نجّار استمرار الحياة في مواجهة الاحتلال وقسوته على رغم أنّ هذا الاحتلال يتيح لقمر أن تعيش قصة حبّ كونه السبب في اعتقال زوجها. ولا تمكن مقاربة الفيلم من زاوية رصده معاناة الزوجة الفلسطينية في غياب زوجها في السجون الإسرائيلية، لأنّ هذا الادعاء غائب تماماً عن «المر والرمان» الذي تظهر فيه قمر وهي تمارس حياتها الطبيعية، ترقص وتحب وكل من حولها يتفهّم حاجاتها الإنسانية. هذه المعاناة بعيدة عن قمر ومحيطها المنفتح والمتحرر، وقريبة جداً من «العامة» حيث يترافق اعتقال الزوج مع حبس زوجته ومصادرة حقوقها بقوّة العرف والتقاليد والدين.
فتش عن السيناريو، يصرخ بنا «المر والرمان» وكذلك يفعل «ملح هذا البحر» لآن ماري جاسر حيث تُطوّع أحداثه التي يُفترض أن تكون درامية في خدمة غرض واحد هو الوصول إلى بحر يافا، وملامسة ثريا (سهير حماد) بيت جدها الذي تقطنه مستوطنة إسرائيلية تقبل استضافتها ثم تنفجر ثريا في وجهها فتتصل بالشرطة الإسرائيلية.
بنية فيلم جاسر وثائقية بامتياز، بطلة فيلمها مثلها أميركية تأتي في زيارة إلى فلسطين المسكونة بها في ملاحقة مشروعة لذكرياتها وحكايا جدها المهجَّر منها. ويترافق ذلك مع بحثها عن جذورها وكل الأمكنة التي حدثها عنها بما في ذلك رصيده المصرفي الذي تركه لدى تهجيره.
المستوى الروائي الذي قدّم فيه الفيلم سيتطلّب من المخرجة إيقاع ثريا في حبّ عماد (صالح بكري) ثم قيامهما بالسطو على بنك في رام الله وخروجهما بقدرة قادر منها إلى القدس، لنكون بعد ذلك في فيلم على الطريق يتمازج فيه حنين ثريا مع حنين عماد: هي تزور بيت جدها، وهو أيضاً يزور أطلال قريته الدواينة.