القاهرة ــــ علا الشافعيتصريحات لصنّاع السينما المصرية تملأ الصحف، منددةً بما ارتكبته «ايه آر تي سينما» بحقّ «حين ميسرة». فيلم المخرج المصري خالد يوسف أمعن فيه مقص الرقيب في المحطة تشويهاً، بحجّة الحفاظ على أخلاق الأسرة العربية. ومخرج الفيلم يملأ الدنيا صراخاً واحتجاجاً «ضد الفكر الوهابي» وما يُرتكب باسمه في الثقافة العربية والمصرية، مؤكّداً أنّه لن يقف مكتوف اليدين أمام تلك «الجريمة». هذا المسلسل ما زالت فصوله تتوالى، إذ رفع خالد يوسف دعوى على art والمسؤولين الذين ارتكبوا تلك «المجزرة الإبداعية». المشهد يبدو عبثياً لأنّها ليست المرة الأولى التي تشوّه فيها art الأفلام المصرية التي تُعرض على شاشاتها. فقد تجرّع هذه الكأس قبله مثلاً فيلم أسامة فوزي «بحبّ السيما». وحتى «غبي منه فيه» الكوميدي لم يسلم من الحذف. والقائمة تضم الكثير من الأفلام التي امتدت إليها يد الرقيب باسم الحفاظ على القيم... لكنّ صناع هذه الأفلام يلجأون عادةً إلى الصمت (من يخاطر بإغضاب المحطات الفضائيّة، خصوصاً السعوديّة؟)، أو يكتفون بتصريح يدين الاعتداء على إبداعهم، من دون اقتراح حلول جذرية. أما يوسف، فقرر أن يمضي في احتجاجه نحو إجراءات عمليّة، إذ رفع دعوى قضائية ضد مسؤولي المحطة بتهمة الإساءة إلى عمل فنّي، لعرضهم الفيلم بعد حذف مشاهد أساسية منه بحجة أنها جنسية، منها مشهد اغتصاب سميّة الخشاب...
القناة التي تملك حوالى 70 في المئة من تراث السينما المصرية، وتنتج حوالى 80 في المئة من الأفلام العربيّة حالياً، تجاهر بأنّها لا تهتم كثيراً بالفنّ بقدر اهتمامها بـ«الأخلاق»، وهو مفهوم نسبي قابل للاجتهاد والتأويل كما هو معروف. هكذا لم ينفِ المسؤولون في المحطة إصرارهم على عرض الفيلم بالشكل الذي يرونه لائقاً بتقاليد الأسرة العربية المحافظة.
من جهته، واحتجاجاً على هذه السياسة، تقدّم خالد يوسف برفع دعويَين، إحداهما أمام محكمة الأمور الوقتية، وأخرى أمام النائب العام في القاهرة، لأنّ القناة انتهكت الحقوق الأدبية للفيلم، مشيراً إلى أنّ بنود العقد الموقع بينه وبين شركة الإنتاج «ألباتروس» تنص على أنّه يمتلك حقوقاً قانونية في الفيلم.
أيمن الحلواني، مسؤول الإنتاج في «روتانا» التي تنتهج معايير مشابهة لـ art في سياسة عرض الأفلام، أعرب عن دهشته من الضجّة التي أثارها صاحب «حين ميسرة»، مذكّراً بأنها ليست المرة الأولى التي تحذف فيها بعض المشاهد السينمائيّة لدى عرضها على الفضائيات والتلفزيونات العربيّة، لكن ربما كانت الرسالة التي يوجّهها خالد يوسف اليوم إلى الرأي العام وأهل المهنة، أنه جاء وقت التحرك، خصوصاً أن art باتت تملك من الأشرطة ما يختصر حاضر السينما المصرية وماضيها، ولا يمكن أن نتركها تعيث فيها تشويهاً باسم ما يعتبر هذا المسؤول أو ذاك أنه «الأخلاق العامة». فليمنح المبدع أقلّه حقّ تعديل عمله، أو فلتؤخذ موافقته إذا كان الحذف ضرورياً، أي «شرّاً لا بدّ منه»!