بشير صفيرثمة خاصة تميِّز كرَيدي تكمن في أنّه ــــ على الأرجح ــــ اللبناني الوحيد (ومن القلائل في العالم) الذي ألمّ بدراسة آلة البيانو ــــ فورتِه في فرنسا، وهي آلة سبقت تاريخياً (مطلع القرن الثامن عشر) البيانو الذي نعرفه اليوم (مطلع التاسع عشر) وتلت آلة الكلافسان. لكنهّا أقرب ميكانيكياً إلى ابنها من أبيها (لأنّ أباها الفعلي هو آلة قرون وسطية تُسمّى تيمبانوم). والبيانو ـ فورتِه الذي استعمله هايدن وموزار وبيتهوفن (وكان بمتناول باخ الذي تحفَّظ على استخدامه مفضّلاً الكلافسان)، لم يعُد رائجاً اليوم. لكن يبدو أنّ زياد «تخلّى» عنه لأسباب عمليّة، إذ يصعب أن يوفِّر باستمرار نموذجاً منه في جميع حفلاته.
بالعودة إلى برنامج الأمسيتَيْن المُعنوَنتَيْن «موسيقى متوسطيّة»، أدرج كرَيدي مؤلفين مميَّزين جداً، من ثلاثة بلدان متوسطية. هكذا سيؤدي من أعمال الفرنسيِّين كلود دوبوسي (1862 ـ 1918) مؤسِّس الانطباعية، ديودا دو سيفيراك (1872 ـ 1921) المغمور نسبياً وهنري دوتِيّو (1916) وهو من أهمّ ثلاثة موسيقيين طليعيين في فرنسا القرن العشرين (إلى جانب بولاز وميسّيان). إضافةً إلى أعمال للإسباني الشهير مانويل دي فايّا (1876 ــ 1946) المتأثر أيضاً بالتيّار الانطباعي الفرنسي، و«الافتتاحية اللبنانية» لناجي حكيم (1955) عازف الأرغن اللبناني/ الفرنسي وصاحب عشرات المؤلفات الموسيقية. وفي الذكرى الـ160 لرحيل شوبان، اختار كرَيدي من عنده مجموعة «مازوركاس». صحيح أنّ المؤلف البولوني الكبير ليس من بلد متوسطيّ، لكن أليس نصفه (لجهة أبيه) فرنسيّاً؟


8:00 مساء غد: جامعة الكسليك ـ 09/600000
8:00 مساء بعد غد الجمعة: جامعة الأنطونية ـ 05/924074