ليس على الجمهور أن يتوقع أفكاراً مثيرة للجدل هذا العام. بعض الكتّاب العالميين سيحتكرون الأضواء، لكن الدورة 41 تضيق بأيّ صوت يطالب بـ«الحرية والعدالة الاجتماعية»
محمد شعير
ربما هي المرة الأولى التي يشارك فيها هذا الكمّ من «نجوم» الأدب العالميين في «معرض القاهرة الدولي للكتاب». نجوم مثل الإيطالي أنطونيو تابوكي أو الأفغاني عتيق رحيمي صاحب جائزة «غونكور» هذا العام أو صاحب «بوكر» بن اوكري. فضلاً عن مشاركة العديد من الأدباء الإنكليز باعتبار أنّ بريطانيا ضيفة شرف الدورة.
هذه الأسماء أنقذت الدورة الـ41 التي تفتتح اليوم وتستمر حتى 5 شباط (فبراير)، وخصوصاً أنّها المرة الأولى التي تبدو فيها الندوات باهتة. المعرض الذي كانت السلطة تتعامل معه كمسرح للأفكار والتنفيس عن المعارضة، لم يعد كذلك. هكذا، لن تجد في الندوات اسماً واحداً ينتمي إلى المعارضة ولن تشاهد الكاتب محمد حسنين هيكل الذي استُبعد منذ سنوات بعدما تحدّث عن شيخوخة النظام، وقال عبارته الشهيرة: «أنا رجل مفلوت العيار». ولن تجد محمد السيد سعيد الذي تجرّأ منذ عامين وطالب الرئيس بالمزيد من «الحرية والعدالة الاجتماعية». ولن نجد أسماء مثل جلال أمين أو طارق البشري، أو حسن نافعة الذين يمكن أن يقولوا شيئاً يُحرج إدارة المعرض. هكذا، جاءت التظاهرة بلا أفكار مثيرة للجدل، بل إن إدارة المعرض لعبت بذكاء شديد كي تكون محاور النقاش الرئيسة لخدمة ترشيح وزير الثقافة لإدارة الأونيسكو. هكذا جاء المحور الرئيسي بعنوان «مصر وأفريقيا» حيث الأمل الوحيد الباقي لفاروق حسني يأتي من دعم الدول الأفريقية له، وهو ما تكشف عنه تحركاته في الأسابيع الماضية. محور آخر لحفظ ماء الوجه جاء بعنوان «القدس عاصمة للثقافة العربية»، فيما تم تجاهل تخصيص محور مثلاً عن الشاعر محمود درويش، والاكتفاء بأمسية شعرية مهداة له. كما ينظم المعرض محور «علامات في تاريخ الثقافة العربية»، مُلقياً الضوء على أعلام تاريخيين مثل مصطفى كامل وعميد الأدب العربي طه حسين وقاسم أمين...
يشارك في المعرض هذا العام 713 ناشراً عربياً و52 ناشراً أجنبياً، وتشمل الأنشطة البريطانية ندوات بينها «الترجمة من العربية إلى الإنكليزية... الأطر والنصوص»، و«الأصوات الجديدة في الشعر البريطاني»، و«الثقافة واستجابتها لتغيّرات المناخ»، وحلقات نقاشية للناشرين عن بيع وترويج الكتب في بريطانيا. وينظم المعرض عروضاً لأفلام بريطانية منها «غاندي» وأفلام مصرية منها «ليلة البيبي دول» و«حسن ومرقص»... إضافة إلى ندوة موسعة عن المخرج المصري الراحل يوسف شاهين وعرض بعض أعماله. البرنامج الإنكليزي بضيوفه وتنظيمه قد يكون «كوّة الضوء» الوحيدة في دورة هذا العام. لكن هل يقاس معيار النجاح بالأسماء المشاركة فيه؟
لا أحد يملك الإجابة، لكنّ مراجعة قوائم الكتب الجديدة الصادرة لهذا العام في مناسبة المعرض، لن تجد فيها سوى عناوين برّاقة، سواء تلك الصادرة في مصر أو في الدول العربية. كذلك فإن أزمات المعرض بدأت قبل أن يبدأ عندما قُلّصت مساحات دور النشر وخصوصاً مع تعديل «أرض المعارض» التي تستضيف هذه التظاهرة الضخمة منذ عقدين، والتي لن تتمكن من استضافته خلال السنوات الثلاث المقبلة. سينتقل معرض الكتاب في الدورة المقبلة إلى «مركز المؤتمرات»، فيما يطالب بعضهم بمكان آخر في وسط القاهرة، يكون أكثر إحكاماً حتى لا يتحوّل المعرض إلى «ساحة مولد» كما يحدث كل عام. إذ يختلط الكتاب بأدوات الكومبيوتر، ومطاعم الفلافل وبوتيكات الملابس. بينما يبقى الكتاب في المؤخرة.
لكن ماذا عن الرقابة؟ هل يمكن أن يتلاشى شبحها هذه السنة؟ الجواب برسم الأيام المقبلة. في العام الماضي، عقد رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب المنظمة للمعرض‏ ناصر الأنصاري مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أنّ المعرض المقبل سيكون مختلفاً. لكنّ شيئاً لم يحدث، فبقي المكان نفسه، وكذلك الترتيبات وأسماء المشاركين. وفي مؤتمره الصحافي قبل أيام، أعلن الأنصاري: «انتظرونا في العام المقبل». علينا حقّاً أن ننتظر من جديد حتى العام المقبل؟