بيار أبي صعبقالت لي: «تعى نتجوّز»، فكان أوّل ما تبادر إلى ذهني: «ترى، بوّابة البناية مفتوحة؟». سحر مندور تضرب من جديد. قبل عامين فاجأت الجميع بقصتها «سأرسم نجمة على جبين فيينا» (سيديتاك). نص يقطع أنفاس القارئ، فيه طرب وأفلام قديمة وعصيان. ولعب على الكلمات والمحظورات، وضحك مبطّن ينتاب القارئ عند مفارق الجُمل. الصحافيّة الشابة (1977) التي ترصد العالم، بدت يومذاك كأنّها تسعى إلى تخريبه. طبعاً بكثير من اللياقة، بشيء من الملعنة، كالبنات المهذبات اللواتي يخفين لعبتهنّ على الجميع. فجأة رأينا سحر تمدّ لسانها للعالم.
وها هي في «حبّ بيروتي» («دار الآداب»)، تواصل تقدّمها بهدوء على الأرضيّة نفسها، من خلال قصّة حبّ «شبابيّة» تمضي إلى أقصى حدودها في بيروت، مدينة كل التجارب والاحتمالات (والخيبات). مشاهد متقطّعة، مستعادة، متسارعة... لغة عفويّة طالعة من التجربة المباشرة. مرح خافت مغمّس بنقد مضمر. تفاصيل عابرة وهوامش حميمة تفضي أحياناً إلى القضايا الكبرى. سحر مندور ابنة لحظتها، ووريثة ثقافة عريقة في آن معاً، يلاحقها طيف زكي رستم وصوت شريفة فاضل. توظّف بمهارة عناصر متناقضة: هذه سمة جيل يخلط بين الأنواع والمدارس والتقنيات. مثل بطلها ترسم «مسرح الجريمة»، هي المراقبة الدقيقة للعلاقات في المجتمع الصغير. ما هم إذا كان «التجهيز» لم يكتمل بعد! أحمد وماجدة يعيشان علاقتهما «المفتوحة» في بيروت 2008. نكاد نقول إن التجربة امتداد خاص و«بوستمودرن» لرواية ليلى بعلبكي «أنا أحيا». مع أن المدينة تغيّرت، والزمن، والقيم، والمعايير الجماليّة كذلك. ما زال «هناك شيء يوحي بالخفّة في بيروت». هل هو طيف الحريّة؟