جسّد شخصيّة الرجل البيروتي «الشهم» الذي يدافع عن الحق ويتصدى للباطل. أحمد خليفة (1942 ــ 2009) يُشيّع ظهر اليوم بعدما تربّع على عرش الذاكرة الشعبية لما يزيد عن نصف قرن
باسم الحكيم
اطمأن أبو العبد البيروتي إلى مستقبل زملائه الفنانين بعد إقرار قانون تنظيم المهن الفنيّة في لبنان أخيراً ورحل بهدوء قبل يومين في مستشفى «رزق» عن 80 عاماً. نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان نعت «أحمد خليفة المولود عام 1942 الذي بقي محافظاً على نقائه الأول ونقاوة شخصيته التي كلما تردد حضورها، جوهرت كأنها نبيذ عتيق». انضم خليفة الذي عُرف بالشخصيّة البيروتية الشهيرة، إلى قافلة الراحلين، بعد معاناة مع المرض استمرت خمس سنوات، وسيُصلّى على جثمانه ظهر اليوم في جامع الخاشقجي في منطقة قصقص.
لم يكن الممثل الراحل ينتظر القانون والضمان من أجل تأمين شيخوخته ومستقبل عائلته بعده، بل من أجل أصدقائه الذين يعانون الأمرّين في أيامهم الأخيرة. إذ إن وظيفته في فوج الإطفاء في بيروت، أمّنت له شيخوخةً هادئةً ونهاية كريمة. ويَشرح صلاح تيزاني (أبو سليم) أنّ «أبو العبد، كان حلمه أن يصل الفنان إلى شيخوخته معززاً ومكرّماً».
إذاً، لم يتفرّغ الراحل للتمثيل خلال حياته رغم عشقه للفن، فقد كان يدرك أن مسؤوليته تجاه زوجته وبناته الخمس، تفرض عليه العمل لتأمين لقمة العيش. فكرّس وقته للعمل كضابط في فوج الإطفاء، حتى أصبح نقيباً للإطفائيين. ويروى أنه من شدّة عشقه لعمله وشجاعته، أصرّ على القيام بدوره وحيداً عام 1982، عندما تعرض منزل أحد أصدقائه للحريق خلال الحرب اللبنانية.
تمكّن أبو العبد من الوصول إلى البطولة الأولى على خشبة المسرح وفي التلفزيون. إذ أنتج له «تلفزيون لبنان» سلسلة كوميديّة خفيفة باسمه في نهاية الستينيات وبدايات السبعينيات، وأطلّ في شخصيته المعروفة في إذاعة لبنان، حيث جسّد شخصيّة الرجل البيروتي القبضاي الذي يدافع عن الحق ويتصدى للباطل. أكثر ما يتذكّره الجمهور من أعماله في المسلسل الكوميدي «المعلمة والأستاذ» مع الراحلين إبراهيم مرعشلي وهند أبي اللمع للمخرج أنطوان ريمي، وفي مسلسل «الضحيّة» للمخرج باسم نصر، إضافة إلى مشاركته السينمائيّة من خلال دور أحد الثوّار في فيلم «سفر برلك» مع السيدة فيروز للأخوين رحباني.
ويتذكّر «أبو سليم» الراحل الذي شاركه بعض حلقاته الكوميديّة، إضافة إلى اشتراكه في برامج أديب حداد «أبو ملحم» وفي بعض مسلسلات الكاتب الراحل محمد شامل، معتبراً أنّ «أبو العبد ترك بصمة مقبولة في زمن، كثر فيه نجوم الكوميديا، ولم يكن سهلاً أن يفرض الممثل حضوره في ظل النجاح الذي كان يعيشه حسن علاء الدين (شوشو)، ونبيه أبو الحسن (أخوت شناي)».
هكذا، مثّل خليفة، من خلال شخصية أبو العبد، مرآة للرأي العام اللبناني وصندوق بريد مليئاً بالرسائل السياسية والاجتماعية للحكومة حينها وصوتاً مختلفاً شرائح المجتمع.