ليال حدادقد تكون حلقة أول من أمس من «أحمر بالخط العريض» على LBC من المرات النادرة التي يفتح فيها الإعلام العربي قضية المثلية الجنسية بهذه الجرأة وبهذا التعمّق خارج الإطار الاستعراضي والفضائحي. إذا استثينا حلقة «ضدّ التيار» مع وفاء الكيلاني على «روتانا» التي قاربت، ولو سطحياً، بعض الحالات، يكاد الموضوع يكون من «المحظورات المطلقة» على التلفزيونات العربيّة استطاع مالك مكتبي ملامسة الخطّ الأحمر في معالجته هذا الموضوع ـــ التابو، ولم يكتفِ بالرمادي الذي كان مسيطراً في الحلقات السابقة. لم يتردّد في التطرّق إلى مختلف المواضيع التي تثير فضول المشاهد وتخترق حاجز الغموض الذي يلفّ حياة المثليين في العالم العربي. بعض الأسئلة جاء يعكس الكليشيهات التي تتعامل من خلالها أكثرية الناس ربّما مع الموضوع: «هل ترتاح أكثر لأداء دور المرأة أم الرجل في العلاقة الجنسية؟». «هل تعرّضت لتحرّش جنسي في طفولتك؟». ولكن لا بأس. كان لافتاً أنّ الضيوف الأربعة، من لبنان ومصر والجزائر والخليج، كشفوا عن وجوههم وتحدّثوا عن تجربتهم بلا تردّد. كما مثّل حضور مثليّتَين إضافةً حقيقية إلى الحلقة، وخصوصاً أنّ بعض الإعلام العربي يركّز غالباً على المثلية بصفتها حكراً على الرجال.
لقد ابتعد البرنامج عن الإطار التقليدي في معالجة القضية. فلم يحصر الطرح بالجانب الاجتماعي والديني بل تعدّاه إلى الجانب النفسي، من خلال استضافة الاختصاصية في علم النفس العيادي جيزال قزعور. وتجنّب إعطاء الكلمة لرجال دين كما يحدث غالباً في هذه الحالات. لكن رغم الجرأة في طرح المحاور بدءاً من العلاقة الجنسية وصولاً إلى رد فعل المجتمع ومروراً بالدين، ربّما بقي مكتبي أسير الإطار الذي يرضي جمهور البرنامج (وهو بنسبة كبيرة خليجي). وإلّا فكيف نفهم إصراره على ربط هذا الخيار الجنسي بمسألة «الشعور بالذنب» و«الندم». لقد لاحق ضيوفه المثليين بهذا السؤال، ما يذكّرنا بحلقة «العنوسة» التي خرج منها المشاهد بانطباع مفاده أن المرأة التي اختارت العزوبيّة ستندم حتماً!
الحالات التي استضافها مكتبي، لم تعكس بالضرورة ما يُعرف بـ«مجتمع المثليين»: فهذا الخيار الجنسي، لم يبدُ لنا ـــ من خلال ضيوف الحلقة، باستثناء ضاوية الجزائريّة ــــ ثمرة خيار حرّ وناضج وواع، بل بدا كنزوة أو نتيجة كبت معيّن، وهو ما لا ينسحب طبعاً على غالبيّة المثليّين.
وقد حاول بعض المتّصلين والحاضرين طبعاً «إعادة الضيوف إلى الصراط المستقيم»، ونهيهم عن هذا «الشذوذ»... بل إن بعضهم دعا الأنظمة العربية إلى وضع قيود صارمة لهذا «الانحراف»! إنّه الواقع حين يقتحم الشاشة، ليذكرنا بأن رهاب المثلية آفة مستشرية في العالم العربي لاعتبارات كثيرة... وأننا نحتاج في سبيل تحجيمها، إلى سياسات تربويّة، وحملات توعيّة، وبرامج كثيرة مثل «أحمر بالخطّ العريض».