أحمد الزعتري هل تريد أن تُشفى من أمراض العصر المستعصية؟ رائد إبراهيم يملك الدواء: كبسولات ضد الإسلاموفوبيا مثلاً، تُوصف لأعراض رهاب المسلمين، متلازمة بن لادن، عصاب المساجد، والاضطرابات الناتجة من سماع قناة «العربيّة»، والحالات المصاحبة للوجود مع مسلمين. هذا نموذج من معرض «لكل داء دواء» الذي تستضيفه غاليري «مكان» هذه الأيّام في عمان. الفكرة بسيطة لكن مبتكرة: بوستر ترويجي للدواء، وبروشور وعلبة الدواء التي تحوي وصفة طبيّة وطريقة الاستعمال والآثار الجانبيّة. هنا ستجد بلا شك علاجاً لأحد الأمراض المستشرية في المجتمع وغالباً ما ألصقت بنا. مَن منا لا يريد مثلاً دواء «إسراإيد» الذي يعالج عوارض معاداة الساميّة. ودواءً آخر خاصاً باللاجئين الفلسطينيين «ريفيوتين» الذي يعمل على «تخفيف إفراز المواد الدماغيّة الخاصة بذاكرة المدى الطويل المتعلّقة بالأمكنة»!
السخرية هنا عالية، فالعالم المصاب بالفصام (على الأقل عندنا) يُجبر رائد إبراهيم (1971) على مقاربة مواضيع حسّاسة «بطرق ملتوية» فهو لا يقول مباشرةً: «قاطعوا إسرائيل» لكنّه يصف بمرارة دواءً للتغلّب على هذه الأعراض!
أحد هذه المواضيع التي لا يمكن الحديث عنها في الأردن هو شعار «الأردن أولاً» الذي تم تجييره وتلفيقه ليصبح شعاراً لأردنيين من أصول معيّنة يجري التبجّج بها أمام أردنيين من أصول أخرى. لكنّ إبراهيم يملك الدواء: «جوردانكو.. أنتم أولاً: كوكتيل محسّن يناسب جميع فئات المجتمع ويُستعمل تحت إشراف حكومي لتعزيز الانتماء الوطني وتحفيز الولاء»!
يعرف إبراهيم أنّه يناطح أفكاراً لن يستطيع تغييرها، لكن هدف المعرض كما يقول هو «فكرة مهضومة ومقبولة بصريّاً، تطرق مواضيع لا نستطيع التكلّم عنها». ورغم أنّ المعرض يُصَنَّف بـ«التجهيز الفنّي» عبر دمج التصميم على الكمبيوتر مع علب الدواء ومحتوياتها والبروشورات، فإنّ جميع التصاميم قد حضّرت أولاً باليد: كرتون وخطوط يدوية ومقص وأدوات، جرى تصويرها وإدخالها على الكمبيوتر وإخراجها بالشكل الذي انتهت إليه.
لا تقتصر مواضيع المعرض على السياسة، بل للأمراض المجتمعيّة نصيبٌ أيضاً: لعلاج المثلية الجنسية مثلاً، يقترح إبراهيم تحاميل Gayom التي تعطى للذكور «الذين يشعرون بميل نحو جنسهم». وتستعمل «لتهدئة أعراض الرغبات الجنسية المثليّة». ودواء Virginity للبقاء «عذراء للأبد»، وآخر «للست المطيعة» لتخفيف أثر الكدمات الناتجة من العنف الأسري.
رائد إبراهيم الذي درس الرسم والتصوير في الجامعة اللبنانيّة (بيروت)، ليست لديه أوهام بأن يؤثر معرضه في الواقع أو يسهم في «تغييره»: إنّه مجرد اختراق للرقابة التي «نمارسها نحن على أنفسنا، قبل أن تفرضها علينا مختلف البنى السلطويّة، سياسيّة ودينيّة ومجتمعيّة».


حتى 18 شباط (فبراير) المقبل ــ «مكان»، عمان ــ 0096264631969 ــــ makangallery.com