تتهافت عليهم أبرز التظاهرات السينمائية، فيخطفون الأضواء ويحتلّون الشاشات... ولكن، أيّ دور يؤدّيه الفنانون في المهرجانات؟ ولماذا يقف بعضهم على السجادة الحمراء أكثر من الوقوف أمام كاميرات المسلسلات والأفلام؟
محمد عبد الرحمن
حين احتدم الصدام بين مهرجانات «دبي» و«القاهرة» و«مراكش» قبل أكثر من عامين، كانت نقطة الخلاف الأساسية التي تتعلّق بتداخل المواعيد، تتمحورُ حول عدم قدرة النجوم على تلبية جميع الدعوات الموجّهة إليهم، ما يحتّم ظهورهم في تظاهرة وغيابهم عن تظاهرة أخرى. يومها، شنّت الصحافة المصرية هجوماً عنيفاً على الفنانين الذين استقلّوا طائرة «مهرجان دبي السينمائي» الخاصة، متجاهلين «مهرجان القاهرة السينمائي» الذي انطلق من دون نجوم البلد. وقد ردَّد بعضهم أن كل فنان تقاضى 10 آلاف دولار مقابل حضور المهرجان فقط، فضلاً عن الهدايا الثمينة والإقامة الفاخرة. وهنا، لم يجد «القاهرة» بدَّاً من التنسيق مع بقية المهرجانات، لتكون أشهُر تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر)، مناسِبة تماماً لإقامة المهرجانات الثلاثة الكبرى، على أن يسهّل التنسيق في ما بين إداراتها، عمليةَ تلبية الفنانين للدعوات. وهذا ما حدث بالفعل، لكن أدَّى إلى مشاكل أخرى: من انشغال الفنانين طيلة أشهُر، بالمهرجانات الثلاثة، إلى دخول تظاهرات أخرى على الخطّ... ولعلَّ أبرزها «مهرجان الشرق الأوسط السينمائي» في أبو ظبي، وقد أقيمت دورته الثانية قبل شهرين، إلى مهرجان «دمشق السينمائي الدولي» الذي أصبحَ سنوياً أخيراً، يحرصُ على الخروج من دائرة المحليّة، عبر استضافة أسماء عربية.
وأدى التهافُت على دعوة الفنانين العرب، وخصوصاً المصريين والسوريين، إلى ظواهر عدة، تؤكِّد أن الأولوية بالنسبة إلى هذه المهرجانات، هي كثرة النجوم لا مدى ثأثيرهم في صناعة السينما.
والأمثلة هنا لا حصرَ لها: والبداية مع الممثلة داليا البحيري التي حقّقت حضوراً سينمائياً جيداً، لكنها لم تكتسب الخبرة الكافية بعد. وهي كانت قد شاركت في عضوية لجنة التحكيم الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي، فيما شاركت سوسن بدر في لجنة المسابقة العربية غير الرسمية. علماً أن الفارق بين الاسمين في مجال السينما كبير. كذلك بالنسبة إلى سوزان نجم الدين: الفنانة السورية قدمت حفلتي الافتتاح والختام في مهرجان دمشق، قبل أن تصل إلى القاهرة لتشارك في عضوية لجنة التحكيم الرسمية، وكل ذلك على رغم أنها لم تطرق باب السينما.
ومن نجم الدين إلى الفنانة لبلبة التي مثّلت ــ من دون مبالغة ــ ظاهرة مهرجانات 2008. وبعدما كانت عضوة لجنة تحكيم مهرجان «دمشق»، عادت إلى القاهرة لتشارك كممثلة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة مع فيلم «يوم ما اتقابلنا». علماً أنها ستطير إلى دبي بعد أيام لتشارك في لجنة تحكيم المهرجان الإماراتي الذي يحتفل هذا العام بدورته الخامسة. وهي الدورة التي تسجّل رقماً قياسياً جديداً في دعوة الفنانين العرب، سواء البعيدين عن السينما منذ فترة كسعيد صالح ويحيى الفخراني ــ وكلاهما يكرّم في المهرجان مع المخضرم جميل راتب ــ أو ممثلي الخليج الذين لم يقدّموا أفلاماً سينمائية من الأساس مثل ناصر القصبي (بطل مسلسل «طاش ما طاش») وسعاد العبدالله ومحمد المنصور...
وسط كل ذلك، يبقى لافتاً أن معظم النجوم لا يشاركون في فعاليات المهرجان. وهكذا تمضي زياراتهم، وهم يلتقون الأصدقاء أو يوقّعون اتفاقيات فنية. ثم تدخل الفضائيات على الخط، لتجري أكبر عدد ممكن من اللقاءات، حتى إن سوزان نجم الدين ظهرت من القاهرة على خمس فضائيات في خمسة أيام متتالية. كذلك، لم يحضر محمود حميدة مثلاً ندوة فيلمه «يوم ما اتقابلنا». لكنه كان في فندق، جالساً مع الضيوف!