وصلتنا أمس هذه الملاحظات على عدد البارحة في رسالة إلكترونيّة. واخترنا نشرها بعد استئذان صاحبها، كعيّنة عن النقاش الروتيني الحميم بيننا، وقد نواصل نشر بعض هذه المراسلات
نجوان درويش
نقرأ في صفحة «أشخاص» اليوم، أن صباح فخري غنّى خلال حرب تشرين «حيّ على الجهاد»، فـ «أصدرت الحكومة الإسرائيلية أمراً بحرق ألبوماته في الشوارع». ألا ترون معي أنّ الحكاية مضخّمة بعض الشيء؟ إسرائيل لها من الجرائم الحقيقية ما يغنيها عن هذه المبادرة المضحكة. فقط فكرة عابرة خطرت لي وأنا أقرأ، وذكّرتني ببعض الشعراء الفلسطينيين الذين زعموا دائماً بأنّ قصائدهم كانت تمنع بقرارات يصدرها الحاكم العسكري خصيصاً... حتى في سياق ثقافة المقاومة، لا أظنّ أنّ علينا أن نكذب أو حتى نبالغ ما دام لدينا من الحقائق الموضوعية والوقائع المثبتة ما يغنينا عن المبالغات والتزيدات. هذا الأمر يذكّر بظاهرة عربية اسمها «التحرش بالرقابة»، واستفزاز غبائها للحصول على «منع إشهاري»! المنع في الساحة الأردنية له أحياناً هذه الرائحة. (لا أعرف كثيراً عن المنع في الساحة اللبنانية كالذي حدث مع منع أحد دواوين «أستاذ عبقر» قبل سنوات). هناك نوع من المنع، ابتكرته الرقابة العربية للتغطية على منع حقيقي وخطير تقترفه في أمكنة أخرى. لا شك في أن أصدقاءكم في «سكايز» سيهبّون سريعاً لنجدة الشاعر طاهر رياض الذي كتب خليل اليوم عن عذاباته... وقد سمعتُ أنّهم وصلوا بمعركة الدفاع عن الحريّة حدّ تنظيم أمسية شعريّة للأردني إسلام سمحان في بيروت! هل هذا صحيح؟ أتمنّى لكم أمسية طيبة...
وعلى سيرة «الشعر»، «إنجيل شخصي» الذي وجّه إليه بيار تحيّة الأسبوع الماضي ـــ مثل معظم شعر عقل العويط ـــ يبدو بنظري كقارئ نسخةً عن شعر أنسي الحاج، وصاحبها ينوّع على لغة أنسي، وموقف أنسي من الحياة، وحتى نفسيّة أنسي. قرأت إشارتك عنه يا بيار، وقد مرّرتَ بعضاً من هذه الفكرة بتهذيبك المعهود حين أشرت إلى أنسي وجبران. لكن ما فاجأني هو إطراء أنسي للكتاب، وهو يشبه إطراء سابقاً صدر عنه لموهبة أحد الشعراء المعتوهين من ضيوف بيروت! حتى الكبار ـــ ربما هؤلاء تحديداً ـــ لهم زلّاتهم وضعفهم الشخصي، أمام تلامذتهم وأتباعهم... وتشبهها بالطبع «شهادة» محمود درويش المدرسية لشعر طاهر رياض. في المدرسة كانوا يمنحون المجتهدين «شهادة شرف» في آخر السنة، و«الأولاد الشطّار» كانت توضع على دفاترهم نجمات فضيّة وذهبيّة.
أوه أكاد أموت من الضحك.