تونس | من سجنه في ضاحية المرناقية قريباً من العاصمة، أعلن المدوّن ياسين العياري دخوله في إضراب عن الطعام، بدءاً من أمس الخميس احتجاجاً على منعه من بعث رسائل من السجن الذي سيقضي فيه سنة تنفيذاً لقرار المحكمة العسكرية. وكان الأخيرة قد أدانت المدون الشاب بتهمة «إهانة المؤسسة العسكرية»، وتسريب أسرار عسكرية على خلفية مقالات كتبها على الفايسبوك، كانت سبباً في إطلاق ملاحقات قضائية عسكرية ضده. وفي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حكم عليه بثلاث سنوات سجن غيابياً، ثم ألقي القبض عليه في «مطار تونس قرطاج الدولي» وأودع السجن بعد تسلم الرئيس الباجي قائد السبسي الرئاسة. لاحقاً، خُفضت العقوبة لتصبح عاماً واحداً.
محاكمة ياسين العياري الذي عرف بتهجّمه على المؤسسة العسكرية وبعض ضباط الجيش، رافقته احتجاجات من الناشطين ومن بعض الأحزاب السياسية، وخاصة «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية»، وبعض الأحزاب المنشقة عنه مثل «حزب التيار الديمقراطي» و«حركة وفاء»، و«حزب البناء الوطني» المنشق عن «حركة النهضة». لكنّ مساندي العياري ليسوا من الترويكا الحاكمة سابقاً ومسانديها فحسب، بل إنّ عدداً من اليساريين والحقوقيين أدانوا مثول العياري أمام المحكمة العسكرية، وطالبوا بتغيير القانون الذي يسمح للمحكمة العسكرية بملاحقة ومحاكمة كل من يسيء إلى الجيش، ولو كان من المدنيين. وهذا ما حدث مع أيوب المسعودي مستشار المرزوقي المستقيل. وفي السياق ذاته، دعت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» إلى تحرك قانوني وإعلامي للمطالبة بتغيير القانون حتى تكون المحاكم المدنية هي ما يخضع له المتهمون في قضايا ذات صلة بالمؤسسة العسكرية.
هذا المطلب الذي دعت له النقابة الوطنية للصحافيين أُثير منذ حكم الترويكا. ومن المفارقات أنّ الرئيس المؤقت السابق منصف المرزوقي الذي أعلن مساندته لياسين العياري وكان من أشد المدافعين عنه، لم يفعل شيئاً لتغيير هذا القانون. كذلك صدر الحكم على العياري بالسجن ثلاث سنوات عندما كان المرزوقي رئيساً للجمهورية وقائداً أعلى للقوات المسلحة. وبالتالي، يرى بعضهم أنّ تعبيره الآن عن «الأسف» وخوفه على «حرية التعبير» ليسا أكثر من شكل من أشكال النفاق السياسي.
يذكر هنا أنّ ياسين العياري هو نجل الشهيد الطاهر العياري الذي اغتالته مجموعة إرهابية في مدينة الروحية من محافظة سليانة (شمال غرب العاصمة) في شهر أيار (مايو) ٢٠١١ ليكون أول شهيد للمؤسسة العسكرية التي فقدت مجموعة من أبنائها في معركة مقاومة الإرهاب التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات.