ينطلق اليوم في بيروت «المنتدى العربي الثالث للصحافة الحرّة» في ذكرى استشهاد جبران تويني. ويتوّج غداً بتسليم جائزة إلى رئيس تحرير «الدستور» المصرية إبراهيم عيسى. أسئلة كثيرة تطرح نفسها على هامش المناسبة
صباح أيوب
للسنة الثالثة تنظّم «النهار» مع «الاتحاد العالمي للصحف» «المنتدى العربي للصحافة الحرّة». اللقاء الذي يجمع صحافيين أجانب وعرباً، ويُعقد تكريماً للشهيد جبران تويني في ذكرى استشهاده، يمنح «جائزة جبران تويني» لمحرّرين «شجعان ومستقلّين في العالم العربي». وها هي فعاليات المنتدى العربي الثالث تبدأ اليوم في بيروت (فندق «مونرو»)، تحت عنوان عريض: «قوى متصارعة: الصحافة العربية المستقلة تتحدى الحكومات المقيّدة». تتوزّع المحاور على «التكتيكات الحكومية التي تعترض الصحافة العربية الحرّة»، والتدوين في العالم العربي، مروراً بنشر الجرائد. ويختتم المنتدى غداً بحفلة توزيع جائزة جبران تويني في قصر المؤتمرات في إنطلياس.
أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح على هامش المؤتمر: من يقرّر محاور النقاش؟ من يختار المشاركين؟ تلك المبادرة التي ترفع راية الصحافة الحرة في العالم العربي، كيف تحدد موقفها من مختلف الأنظمة العربيّة؟ كيف تختار موقعها على الساحة اللبنانيّة، برعاية منظمة عالميّة، لتضمن أكبر قدر من الموضوعيّة، وتجمع أهل الإعلام تحت لوائها؟ وأخيراً، من يختار الفائز بـ «جائزة جبران تويني» (تمنح هذا العام للصحافي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير «الدستور» المصرية)؟ كيف يتم الترشيح؟ ما هي المعايير المعتمدة لتقويم «الصحافة الحرّة» و«المحررين الشجعان»؟ من هو «الاتحاد العالمي للصحف»؟ وماذا عن إنجازاته؟
توجّهت «الأخبار» منذ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 إلى فرجيني جوان، مديرة قسم «برامج حرية الصحافة والتطوير» في World Association of Newspapers، وهي الجهة المنظّمة للمؤتمر، لكنّنا فشلنا في الحصول على أي معلومات مفيدة أو إجابات عن أسئلتنا البسيطة والواضحة. الردّ الذي جاء مرحِّباً ومتعاوناً بدايةً ما لبث أن تحوّل إلى مماطلة وتلكّؤ وتأجيل، ثم تهرّب فاعتذار مفاجئ عن عدم الإجابة عن الأسئلة المطروحة. لذا، لا بدّ هنا من إضافة سؤال آخر نوجّهه إلى مسؤولي WAN: ماذا عن الشفافية والمهنية في التعامل مع الصحافة والرأي العام في لبنان والعالم العربي، من قبل منظمة ترفع لواء الحرية والدفاع عن المهنة وأهلها؟
«الاتحاد» الذي يحتفل هذا العام بعيده الستين، فضّل التكتّم على كيفية تنظيم منتدياته واختيار محاوره وضيوفه وإنجازاته في مسألة الدفاع عن الحريات الصحافية في العالم العربي، التي وضعها على لائحة أهدافه المعلنة على موقعه الإلكتروني.
«وان» الذي تنضوي تحت لوائه 67 جمعية صحافية وطنية، ومسؤولو صحف في 102 دولة، ومنظمات صحافية إقليمية في خمس قارات (إسرائيل عضو أساسي فيه)، يحدّد مهمّته بـ«تمثيل صناعة الصحافة» في المؤتمرات الكبرى، ومساعدة المؤسسات الصحافية في الدول النامية على تطوير نفسها عبر توفير المساعدات المادية والإنسانية لها. كما يقوم بتصنيف الصحف في البلدان... وعلى الساحة العربيّة يفتقر رصد الاتحاد (راجع موقعه الإلكتروني www.wan-press.org) إلى الدقّة أحياناً: عن جريدة «الأخبار» مثلاً، ورد أنّها تضمّ في أسرة تحريرها مثقفين يساريين بينهم جوزف سماحة و... إلياس خوري!
على أي أساس يختار «الاتحاد» شركاءه في المنطقة؟ كيف يبقى فوق الانقسامات السياسيّة في بلد حسّاس مثل لبنان؟ أي صورة يملكها عن العالم العربي وصحافته؟ هذه بعض الأسئلة التي حاولنا جاهدين أن نحصل على إجابات عنها منذ أسبوعين، لكن سدىً! «هم يختارون المواضيع والمحاور والشخصيات والدول»، تؤكّد نايلة تويني المديرة العامة المساعدة لـ «النهار»، مستدركة بأنّ ذلك يجري «بالتنسيق مع النهار». تعتبر تويني الاتحاد «عائلتها»، لذا فإن دور «النهار» أساساً هو مساندة WAN «عبر استضافة المنتدى وتمويل جائزة جبران». وتعد كريمة السياسي الشهيد بمفاجأة مساء الغد، وهي «رسالة إلى اللبنانيين من شخصيّة بارزة». لكنّ الدفاع عن حريّة الصحافة، ألا يفترض الشفافيّة أوّلاً؟ أليس عملاً متواصلاً قبل الاحتفاليّات وبعدها؟ ويبقى سؤال: من هم فعليّاً أصحاب المبادرة في «الدفاع عن حريّة الصحافة»؟ وكيف تخاض هذه المعركة الطويلة النفس في العالم العربي، انطلاقاً من بلد قابع على بركان من التناقضات مثل لبنان؟