ردود وتعليقات كثيرة تلقّتها «الأخبار» بشأن ما نشرناه عن قضية «القدس عاصمة الثقافة العربية 2009». هنا تعليق من الكاتب الفلسطيني محمد الأسعد:
محمد الأسعد (*)
قرأت ما كتبه نجوان درويش في «الأخبار» حول قضية القدس 2009، ولاحظت أنّه يتحدث صواباً عن نواقص هنا وهناك، وأحياناً كوارث، في رؤيتين لموضوع القدس كعاصمة ثقافية عربية. رؤية حماس المتحمسة لرؤية وطنية ومقاومة، لكنها تفتقر إلى البعد الثقافي السياسي الأعمق من الإنشائيات التي يتحفنا بها «مثقّفو» حماس، ورؤية عصابة أوسلو التي تحافظ على وظيفتها التي وصفها داني روبنشتاين؛ أي وظيفة معسكر سجناء الحرب (الغيتو) الذين يمتلكون حرية إقامة رقصات فولكلورية وطبخ الحساء الذي يحبّون... ولا شيء أبعد من ذلك!
أعتقد الآن بأنّ الخطوة المتقدمة أكثر هي كشف وفضح الكيفية التي تُحوّل فيها هذه العصابة كلّ فعالية فلسطينية لخدمة روابطها بالمشروع الصهيوني بلا مواربة. مهما كان من أمر حول إنشائيات حماس وضعف خطابها المعرفي، إلا أنّه من الظلم وضع عصابة أوسلو في كفة وحماس في كفة أخرى. ثم تعبير «الانشقاق» الذي لاحظت أنّ الكاتب استخدمه في إحدى الفقرات، هل هناك «انشقاق» فلسطيني كما يقال؟ هل هناك صراع على «مقاعد سلطة»؟ لا... في السجون النازية، كانت إدارة السجون تختار بعض السجناء ليكونوا وسطاء لها يجنّدون عمّالاً لأعمال السخرة، وهؤلاء السجناء ينالون حظوة محدودة عادةً، ويكونون أشد شراسة على السجناء الآخرين من السجّان نفسه. يُدعى هؤلاء باسم «كابو»، وأنت تراهم حولك بالأسماء... لهذه العصابة عدو واحد هو الشعب الفلسطيني، وخطأ حماس أنّها تحوّل صراعها مع هذه الحثالة إلى صراع خاص بها.

(*) محمد الأسعد روائي وشاعر وناقد فلسطيني يعيش في الكويت، مواليد قرية أم الزينات (1944) إحدى قرى حيفا المحتلة عام 1948. له مجموعة من إصدارات شعرية ونقدية، ومن أبرز أعماله الروائية «أطفال الندى» (1991)، ويصدر له قريباً كتاب عن «الاستشراق وعلم الآثار».