فضاء الإعلاميين العرب في باريس تحوّل ساحة مواجهة: استقالات جماعيّة، وحرب بيانات، وخلافات خرجت إلى العلن... هل الخلفيات سياسية أم مهنيّة أم شخصيّة؟
باريس ـ عثمان تزغارت
أصدرت 17 شخصية إعلامية عربية مقيمة في باريس بياناً أعلنت فيه استقالتها من عضوية «نادي الصحافة العربية في باريس» الذي ينشط ضمن «مركز استقبال الصحافة الأجنبية» التابع لوزارة الخارجية الفرنسية. ورغم أنّ لائحة المستقيلين تضم أسماءً إعلامية بارزة، بينها ثلاثة مؤسّسين رئيسيين للنادي، هم ياسر هواري وبلال الحسن وفيصل جلّول، إلا أنّ الهيئة الإدارية للنادي قلّلت ـــــ في بيان موقّع باسم رئيسها كمال طربيه ـــــ من أهمية هذه الاستقالات الجماعية. وجاء في البيان: «لم نتسلّم بعد أي استقالات خطية (...) علماً بأننا نعتبر أي استقالة حرماناً للنادي من طاقات يمكن توظيفها في مصلحة النادي. غير أننا نعتبر أن أي عضو حرّ التصرف بالبقاء أو الاستقالة...».
وأورد البيان أنّ بعض المستقيلين لم يجدّدوا اشتراكهم في النادي منذ سنة، وعضويتهم «سقطت تلقائياً». ورأى أن «الترويج» لاستقالة جماعيّة محاولة «إساءة» للنادي. لكنّ فيصل جلّول، أحد موقعي بيان الاستقالة، قال إن عدم تجديد الاشتراك كان جزءاً من المسعى الاحتجاجي على أداء الهيئة الإدارية. ويشير إلى تغليبه، حتى الآن، «منطق العمل الجماعي على المواقف الفردية»، مع أنّه لم يكن دوماً موافقاً على أداء النادي. إلا أنّ الوضع بات مختلفاً بحسب جلول، بعد انتخاب الهيئة الإدارية الحالية، لأنّها أصبحت تتصرف بطريقة تتنافى مع القانون الأساسي للنادي: «باتت طرفاً في السجال، وأثارت الانقسام بين الأعضاء».
في ظل حرب البيانات بين الطرفين، بقي الغموض محيطاً بالأسباب الفعلية للخلاف: هل مهنية، أم سياسية، أم مجرد صراعات شخصيّة على المناصب؟ أحد الزملاء المستقيلين (طلب عدم ذكر اسمه) كشف لـ«الأخبار» أنّ شرارة الخلافات بدأت قبل انتخاب الهيئة الإدارية الحالية: «كان الرئيس السابق (ميشال أبو نجم) متسلطاً. ورفض مثلاً إدانة النادي لعدوان تموز 2006... وهذا الموقف أثار خلافاً سياسياً، أخذ في التفاقم. وحين شارفت ولاية الهيئة الإدارية على نهايتها، حاولت تعديل القانون للحصول على ولاية ثانية، وهذا ما رفضته غالبية المؤسسين...».
لكن لماذا الاستقالات إذاً، بعد انتخاب هيئة إدارية جديدة؟
يقول أحد المعنيين: «أبو نجم يتصرف كأنه ما زال رئيساً للنادي، ويستمر في تقديم نفسه لوزارة الخارجية الفرنسية بهذه الصفة». بينما رأى آخرون أن المشكلة لا تكمن في نجم وحده «فرئيسا النادي (السابق والحالي) يستعملان النادي لمآرب شخصية، وتحويله إلى مكتب علاقات عامة، على خلفية اعتبارات سياسية وطائفية...».
وجاء ردّ الرئيس الحالي كمال طربيه قاطعاً، لينقض الكلام السابق جملة وتفصيلاً: «إنّها اتهامات كاذبة، ومحاولة رخيصة للتشهير بالنادي. إذا كان لدى أي عضو اعتراض على أداء الهيئة، فالمكان الطبيعي للنقاش هو الجمعية العامة». كذلك ينفي طربيه ما يتردّد عن انحياز النادي إلى المواقف الأميركية والإسرائيلية: «استقبلنا شخصيات فلسطينية وإيرانية. والهيئة الاداريّة تضمّ صحافيين من مختلف وسائل الاعلام. والأمين العام هو زميلكم بسّام طيّارة مراسل «الأخبار». وخلال حرب تمّوز لم يقف أحد بوجه إصدار بيان إدانة للعدوان، علماً بأن أحد موقّعي بيان الاستقالة، وهو زميلنا ياسر هواري، كان حينذاك في الهيئة الإداريّة، فلماذا لا يلوم نفسه قبل
الآخرين؟».