بشير صفيرإذا كنت من محبّي الروك، وفي الوقت نفسه متحرراً من الأحكام المسبقة (إيجابية كانت أو سلبية) والنظرة الجاهزة إلى هذا النوع الموسيقي، فلا يمكنك إلا أن تستمتع بألبوم «ميدان» (أي «البيت»)، باكورة مغنّية الروك الأرمنية آيلين ختشادوريان. آيلين ختشادوريان، اسمٌ جديدٌ على ساحة الأغنية الشبابية، تدخلها من باب الروك البديل (الصاخب تحديداً، والمطعَّم بجرعة من الـ«نيو ــــ سايكَدَلِك روك» في الأداء الحيّ لا في المُسجَّل) والموروث الشعبي الأرمني. لجأت إلى اللون الأوّل لبناء القالب العام، واستعارت من الثاني اللحن والكلمة. من هذا المنطلق، يمكن أن نقول بدايةً إنّ آيلين لم تُضفِ جديداً إلى موسيقى الروك، بما أنّها اعتمدت على تيار موسيقي مُكرّس منذ أكثر من عقدين وبات اليوم شِبه مُستنزَف. ومن الناحية الثانية، لم تُسهِم في إغناء الفولكلور الأرمني بنصٍ ولحنٍ جديدَيْن (ما عدا لحن قصيدة من الشعر الأرمني القديم)، بل في إحيائه. لكنّ النتيجة التي رست عليها تجربة المغنية الشابة (مواليد بيروت، 1978) جديرة بالاهتمام على مستويَيْن. الأول يتعلّق بها مباشرةً: من جهة صوتٌ ذو طاقة قوية توفّر له نقاوة استثنائيّة، يمكن تصنيفه «ميدزو ــــ سوبرانو» أو حتى «ألتو» (أي الصوت الجهوري عند النساء)، يذكِّر بنبرة مغنية فريق Dead Can Dance ليزا جيرار. ومن جهة أخرى ثقة عالية بالنفس، تنعكس إيجاباً على حضورها وأدائها الحيّ.
أمّا المستوى الثاني، فيتعلق بفرقتها الموسيقية (جاد عوّاد: درامز، هيثم شلهوب: باص، ميران غورونيان: غيتار كهربائي وإلكترونيات ومشاركة في التوزيع، مازن سبليني: كيبوردز ومشاركة في التوزيع) التي نفّذت الأغنيات بجدارة ومهنية، لا تقلّان أهمية عن أي فرقة روك عالميّة تعمل في الحقل نفسه. هذا الأداء الجيد للفرقة يمكن تلمّسه في الحفلتين اللتين قُدِّمتا في مسرح «مونو» هذا الأسبوع، حيث غياب بعض الآلات التي شاركت هامشياً في تسجيل الاستوديو لم يؤثر سلباً على النتيجة العامة. بل على العكس، معظم الأغنيات أتت أفضل في الحفلة.
أمّا أبرز ضيوف «البيت» في النص، كما هو متوقع، جرح أرمينيا الأبدي، وفي اللحن غوميداس (1869 ــــ 1935)، أبو الموسيقى الأرمنية الذي استعارت آيلين بعض إبداعاته.


تُطلّ آيلين ختشادوريان الخامسة والنصف من مساء اليوم على «صوت الشعب» ضمن برنامج «استوديو رقم واحد»