strong>ليال حداددقيقة أو اثنتان... لنقل ثلاث دقائق. تلك كانت مدّة المقابلة التي أجراها زافين قيومجيان مع الصحافي العراقي منتظر الزيدي حين كان يتابع حلقة تدريبيّة في بيروت، وعُرضت أوّل من أمس في برنامجه «سيرة وانفتحت». المقابلة التي سوّقت لها محطة «المستقبل» لم تكن ــــ ببساطة ــــ بحجم الحملة الإعلانية التي سبقتها، إذ إنّ الحديث الذي أدلى به الزيدي لم يكن استثنائياً، ولعلّه كان ذريعة للنقاش الذي دار خلال الحلقة بين عدد من الإعلاميين، ولم يفضِ طبعاً إلى أية نتيجة.
لكن فلنبدأ من المقابلة: ظهر الزيدي مع مجموعة إعلاميين عراقيين حضروا إلى بيروت الشهر الماضي، فالتقاهم زافين ليتحدثوا عن حرية الإعلام وأوضاع العراق ونظرتهم إلى بيروت. صُدم الزيدي بغلاء الفواتير في لبنان، وأعجبه منظر المرأة التي ترتدي النقاب وإلى جانبها تسير فتاة بـ«البيكيني»، كما كشف عن طموحه أن يصبح رئيس وزراء بلاده يوماً ما، رافضاً ذكر المواضيع التي قام بها في حياته ويخجل منها اليوم. هكذا، انتهت المقابلة «الحصرية» التي وعد زافين جمهوره بها!
لكنّ حلقة «سيرة وانفتحت» تواصلت مع حلقة نقاش شارك فيها تسعة إعلاميين استقبلهم زافين في نادي الصحافة. كان يُفترض أن يجيب هؤلاء عن سؤال الحلقة الأساسي وهو «هل الزيدي: بطل؟ باحث عن الشهرة؟ أم قليل الأدب»؟ إلا أنّ الكلام اتّخذ منحىً مختلفاً، فتحوّل تقويماً لـ«ثقافة الحذاء». وسرعان ما انحصر السجال في إطاره المحلّي الأضيق، فانسلخ عنه بعده العربي والعالمي المفترض. عبّرت نانسي السبع (الجديد) ورنا عواضة (NBN) عن شعورهما بالفخر لدى رؤية الحذاء متجهاً نحو بوش، فيما كان لكل من سيمون أبو فاضل وعلي مطر موقف نقدي يدين فعلة زميلهما العراقي. أما وجود عمر حرقوص في الحلقة فقصة أخرى. ذكّر زافين بحادث الاعتداء الذي تعرّض له، فإذا به يتحوّل مجدداً إلى محور النقاش، ليصبح الزيدي وقضيّته مجرّد صدى بعيد! هناك مقارنة ضمنيّة فرضت نفسها بين حرقوص و... «زميله» جورج بوش! وحين تساءلت عواضة عن وجه الشبه بين الصحافي اللبناني والرئيس الأميركي، تبرّع مطر بملاحظة نبيهة: «كل من الحادثتين وجدت لها جمهوراً من المؤيدين».
واستغلّ حرقوص المناسبة للتعليق على افتتاح السفارة السورية في منطقة رأس بيروت، فرأى أنّ السوريين «يسرقون ثقافتنا... الحمرا تمثّل ثقافة التنوّع وقد أتوا ليسرقوها». شو جاب لجاب؟ صحا فجأة من نشوته، فتذكّر أن الحلقة عن الزيدي، وإذا به يطالب بمحاكمته كأي صحافي «كتب مقالة سيئة فيها قدح وذمّ».


فاروق الفيشاوي يحسم النقاش