يمكن لمن يتابع الممثل السوري محمد حداقي أن يكتشف مدى مراعاته لتعليمات معلم التمثيل الروسي ستانسلافسكي عندما أوصى فرقته بالقول: «كن أنت نفسك في كل دور تؤديه ولكن كن مختلفاً في كل مرة. فما دامت بيئتك مختلفة، وقصة حياتك مختلفة، فإن ذهنيتك هي الأخرى يجب أن تختلف وكذلك سلوكك وإحساسك بالقيم». بالفعل، يظهر نجم «الولادة من الخاصرة» في كل مرة هو ذاته لكنّ أداءه وإحساسه يختلفان جذرياً. لذا لا يمكن لمروره إلا أن يترك أثره وبصمته البالغة في أي دور يؤديه.
ومهما كان الدور صغيراً، يمتهن حداقي تحويله إلى دور بطولة مطلقة من خلال حضوره المختلف لأنه يمتثل للقاعدة الذهبية التي تقول: «ليست هناك أدوار صغيرة بل هناك ممثلون صغار». الممثل الذي شق طريقه الوعر من ريف دمشق وتحديداً مدينة «التل» إلى شهرة مميزة واحترام يجمع عليه كل زملائه ومعارفه، ما زال يشكو ظروف المهنة الصعبة، رغم اشتغاله على أدواره بعمق مهني وثقافة واسعة ورغم إجادته للتراجيديا بالبراعة نفسها التي يجيد فيها الكوميديا، وتقمصه العديد من «الكركتات» الصعبة ونجاحه اللافت فيها مثل دور «أبو شملة» في «ضيعة ضايعة» (ممدوح حمادة والليث حجو») ودور «فياض بوقعقور» في «الخربة» للمؤلف والمخرج ذاتهما. إلا أنّ كل ذلك لم يساعده على خلق شرط مادي مريح يساعده على الإبداع أكثر. إذ أفصح الكوميديان السوري في حديثه الأخير مع «إذاعة المدينة fm» أنه يذهب إلى عمله مقهوراً يرافقه شعور بالغبن والظلم. أما عن السبب، فقال: «الشركات تعتمد فناناً واحداً هو نجم العمل، يتقاضى 20 ضعفاً مقارنة بما يأخذه ممثل آخر في العمل نفسه». وهنا طالب «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» و«نقابة الفنانين» بوضع حلول لهذه المشكلة ورفع سقف الأجور. وأوضح أنّه لسبب مادي يضطر إلى العمل في مجموعة كبيرة من المسلسلات بشكل سنوي وهذا لا يخدم الممثل. وأوضح عن مشاركته في مسلسل «الإخوة» (إخراج سيف الدين السبعي وحسام الرنتيسي) أنه ضد الأعمال الطويلة لكن هذا لا يعني ألا يجربها. وتابع: «لم أوفق في مشاركتي في هذا العمل. ومن الممكن اختصار الأعمال الطويلة إلى 15 حلقة وليتني شاركت بعمل آخر عوضاً عنه». ليس هذا التصريح الأول من هذا النوع حيال المسلسل المعرّب، إذ سبق لمخرجه سيف الدين السبيعي أن قال لـ «الأخبار» بأنّ «المسلسل لا يمثله وقد أخرجه من باب الإنقاذ للشركة. ولو عرضه عليه بشكل طبيعي، لما وافق على إخراجه». وبالعودة إلى الكوميديان السوري، فقد أوضح لـ «الأخبار» بأن بعض المواقع تداولت كلامه بطريقة مغلوطة وكاذبة ونشرت كلاماً مفاده أنه عمل في المسلسل لأسباب اقتصادية وفسرت التصريحات بطريقة خاطئة. والحقيقة أن «ما قصدته بكلامي أنني غير راضٍ عما قدمته كممثل ضمن مسلسل "الإخوة"، وتمنيت لو سمحت الظروف الفنية بظهور شخصية كرم بطريقة أفضل». وأضاف «علاقتي بشركة "كلاكيت" ومديرها إياد نجار ليست مجرد علاقة عمل بل تربطني به صداقة قديمة وقوية جداً، وهذا العمل يعد تتمة لسلسلة طويلة من الأعمال التي شاركت بها مع هذه الشركة». على المستوى العملي انتهى حداقي من تصوير دوره في مسلسل «حارة المشرقة» لأيمن الدقر وناجي طعمي وبدأ بتصوير مسلسله الجديد «دامسكو» (كتابة عثمان جحى، وسليمان عبد العزيز، وإخراج سامي الجنادي). وعن هذا الدور، يقول: «أجسد شخصية هاشم وهو ضابط يعاني من مشاكل نفسية ومنعطفات حادة يتعرض لها قبل أن يدخل في دوامة إصلاح الفساد ويضيع فيها ليكتشف في ما بعد بأن أقرب الناس له يغرقون في الفساد. وهنا يجد نفسه أمام دوامة كبيرة لا يعرف كيف يخرج منها، فيصل إلى حالة نفسية مزرية». كذلك يجسد دور في مسلسل «في انتظار الياسمين» لأسامة كوكش وسمير حسين، إضافة إلى دوره في مسلسل «مذنبون… أبرياء» (كتابة باسل خليل وإخراج أحمد سويداني وإنتاج شركة «ديالا»)