ليال حداد
إنّها الصورة، وحدها فضحت حجم المجزرة ودحضت ادّعاءات المسؤولين الإسرائيليين. إذ أظهرت أنّ القسم الأكبر من الشهداء والجرحى كانوا مدنيين وليسوا من قياديّي «حماس»، كما زعمت إسرائيل. الصورة لا تكذب، على الأقل حين تكون منقولة مباشرةً. لليوم الثاني، كان صوت الموت هو الأقوى على الشاشات، وإن بنسب متفاوتة. وجاءت تغطية الفضائيات الإخبارية العربيّة مشابهة لليوم الأول من العدوان. وبينما تابعت بعض المحطات اللبنانية التطوّرات لحظةً بلحظة، فضّل بعضها الآخر برامج الطبخ والفنّ والرياضة على صور المجازر، وخصوصاً LBC وotv و«المستقبل».
فضائياً، تابعت «الجزيرة» التطوّرات بكلّ تفاصيلها، فتوزّع مراسلوها بين غزة ورام الله والقدس والعواصم العربية، واستمرّت في استقبال المحللين لقراءة التطورات الميدانية والسياسية. أمّا «العربية»، فخصّصت فقراتها الإخبارية فقط لأحداث غزّة، فيما ركّزت أكثر على... انخفاض مؤشّر الأسهم في البحرين، وارتفاعه في مسقط! لكن حتى التغطية المباشرة لم تخلُ من المواقف السياسية، وخصوصاً عندما نقلت خبر رفض حركة «حماس» نقل الجرحى فقط إلى مصر، ومطالبتها بفتح معبر رفح أمام كل الغزاويين... فإذا بـ«العربية» تنقل الخبر كالآتي: «حماس ترفض نقل الجرحى إلى مصر». كذلك فتحت «أخبار المستقبل» الهواء للحدث الفلسطيني واستقبلت الضيوف اللبنانيين الذين لم يفوّتوا المناسبة للتذكير بالدور السوري في هذه المجازر. هكذا أصرّ النائب أحمد فتفت على اتهام سوريا بتشجيع «حماس على التطرّف ورفض الحوار فيما ينادي السوريون بمحادثات مع الإسرائيليين».
محلياً، سقطت المؤسسة اللبنانية للإرسال وotv و«المستقبل» في غيبوبة تامّة، فيما استكملت «المنار» وnbn و«الجديد» النقل المباشر للأحداث. هكذا، فردت LBC الهواء... لتوقّعات ماغي فرح الفلكية وبرامج الأطفال، وانشغلت الشاشة البرتقالية «بتأثير صوت الناخب الشيعي على نتائج الانتخابات النيابية في جبيل»، فاستقبلت في فترتها الصباحية أحد المسؤولين عن شركات الإحصاء! أما «المستقبل»، فبين اليوغا وإجراء مقابلة مع أحد المطربين، ضاعت غزة وأخبارها وشهداؤها. لكنّ غزة شكّلت الحدث الوحيد على «المنار» التي فتحت مساء السبت وصباح أمس الهواء للمواطنين للتعبير عن تضامنهم، كما نقلت كالـ NBN التظاهرات الشعبية في دمشق وعمان وصنعاء وبيروت.


أين التضامن مع «الأقصى»؟

كان لافتاً غياب كل المحطات اللبنانية والعربية ــ ما عدا «الجزيرة» ـــ عن خبر قصف فضائية «الأقصى» في غزة التي استمرّت في البثّ، رغم تدميرها، من مكان مجهول، ما يذكّر بما حصل مع «المنار» إبّان عدوان تموز 2006. ولم يبرز أي موقف تضامني مع المحطة أو إعلامييها على رغم تدمير المبنى كلياً، حتى من قبل المحطات التي جعلت سابقاً من عملية الاعتداء عليها أو على إعلامييها مادةً دسمةً لتوزيع الاتهامات يميناً ويساراً تحت حجة «منع المساس بحرية الإعلام»