لعلّ أبرز ما يميز مسيرتها هو التجدد الدائم على صعيد الشكل والخيارات الغنائية. الفنانة المغربية كسبت التحدي مع ألبوم «أيام حياتي»، وعينُها حالياً على... السينما
فاطمة داوود
عادت بعد غياب لتثبت من جديد أنّها صاحبة خيارات فنية مدروسة بدقة. سميرة سعيد طرحت أخيراً ألبوم «أيام حياتي»، لتعلن معه انتهاء عقدها مع شركة «عالم الفن»، من دون تحديد معالم المرحلة المقبلة. ثلاث سنوات بقيت تبحث في الصيغة النهائية للعمل الجديد... ولكن، أليس هذا وقتاً طويلاً نسبياً؟ تبرر سعيد غيابها بالقول: «شعرت أن عليّ مراجعة حساباتي إزاء التغييرات الكبيرة في الوسط الفني. مع انتشار موجة المغنين الذين لا يتمتّعون بأدنى مقومّات الموهبة الحقيقية... طرأ تغيير واضح على الذوق العام. ذلك أنّ الجمهور بات يعتاد أنماطاً معينة، غريبة عن الفن الأصيل. وهنا تكمن الخطورة. فما الذي يبقى إذا انحدر مستوى الذوق لدى المستمعين؟ هذا الواقع أربكني قليلاً، وخصوصاً أنّه ترافق مع ازدياد عمليات القرصنة التي تكبّد شركة الإنتاج خسائر كبيرة. ولا أخفي أنني واجهت بعض العقبات الشخصية، ما أسهم أيضاً في ابتعادي القسري عن الفن، حتى اعتقد بعضهم أنني سأنسحب تماماً من الساحة. في الحقيقة، أنا مصرّة على إكمال مسيرتي كي لا أترك المكان شاغراً لمن لا يستحقون. إنما الضريبة ستكون باهظة جداً، لأن على الفنان إيجاد صيغة تجمع بين الحداثة والأصالة، لمحاكاة جيل الشباب. ما يضطرّه أحياناً إلى دفع التكاليف من جيبه الخاصّ، لأن المنتج يحجم عن تخصيص ميزانية أكبر، كي لا يواجه الخسارة، في ظلّ عمليات القرصنة السائدة».
14 أغنية في ألبوم «أيام حياتي» جمعت التجدد والتطوير، لا سيما على صعيد التوزيع الموسيقي... فلماذا اختارت «حبّ ميؤوس منه» بالذات لتصويرها مع المخرج هادي الباجوري؟ «الأغنية جميلة جداً، وهي تستحق الاهتمام لتحصد الانتشار. وقد شعرتُ بمتعة العمل أثناء تصويرها، وخصوصاً أنني تعاونت في عدد كبير من الكليبات مع المخرج هادي الباجوري. ومع ذلك، لا أخفي عليك أنني أراهن على أغنيات أخرى مثل «أوام كده» و«كفاية كده» و«ميهمنيش بكرة» و«أنا معاك» و«شاءت الظروف». كل هذه الأغنيات تلاقي النجاح، بعدما وردتني اتصالات من معجبين من أنحاء الوطن العربي، أثنوا على كل أغنية. ما يدّل على اهتمام الناس بتفاصيل الشريط، وليس فقط بالأغنية المصوّرة».
وعلى رغم تفاؤلها بالنتائج، تعرب سعيد عن يأسها الشديد من السياسات العشوائية التي ينتهجها المنتجون ومتعهدو الحفلات. إذ يفرضون نوعاً محدداً من النجوم، سواء عبر الفضائيات أو الحفلات.
وعن تجديد تعاقدها مع شركة «عالم الفن»، وخصوصاً أن ألبوم «أيام حياتي» هو آخر تعاون وفق العقد الموقّع بين الطرفين، تفضل سعيد تعليق الإجابة ريثما تنتهي المفاوضات. فهي تركّز حالياً على الخطّة التسويقية للعمل، ولن تبحث في تفاصيل العقد وبنوده على صفحات الجرائد.
الفنانة المتجدّدة دائماً بإطلالتها الخارجية، علّقت على ظهورها أصغر من سنّها الحقيقي بكثير في غلاف الألبوم والكليب بالقول: «لا بدّ من أن يهتم الفنان بمظهره وإطلالته الخارجية، ليكون متجدداً في نظر نفسه والجمهور. اليوم، أصبح التغيير الدائم مفضّلاً مع صدور ألبوم جديد للمطرب، على أن يرتبط كل ألبوم بـ«لوك» جديد. فضلاً عن ذلك، أنا امرأة، ومن أهم عادات المرأة التغيير في الشكل باستمرار».
وهل من طموحات تسعى إلى تحقيقها في المستقبل، وخصوصاً بعدما طبعت أرشيفها الفني بنيل جائزة World Music Award، وتقديم أغنيات ما زالت راسخة في أذهان الجمهور العربي؟ تجيب: «الطموحات لا تنتهي أبداً، فهاجس الاستمرارية وحده كاف لدفعنا نحو المثابرة والجهد في سبيل الفن. أتمنى أيضاً أن يتحسن حال الأغنية العربية، وأن تتطور إنما بشكل يحافظ على هويتها الأصيلة. وعلى الصعيد الشخصي، آمل خوض تجربة السينما في فيلم راق يناسب أفكاري وتطلعاتي».
يذكر أن سميرة سعيد (اسمها الحقيقي أميرة بن عبد الرازق بن سعيد)، أثبتت دائماً قدرتها على الاستمرارية عبر دقة اختياراتها الفنية المتجددة دائماً. وقد استطاعت هذه الفنانة التي عاصرت بليغ حمدي وسيد مكاوي وقدمت «قال جاني بعد يومي» و«مش حتنازل عنك أبداً»... أن تحدث فرقاً في الأغنية الشبابية مع «ع البال» و«يوم ورا يوم» و«قويني بيك»...