عن الاستقالة المعلَّقة لنقيب الممثلين المصريينمحمد عبد الرحمن
24 ساعة عاصفة مرَّت بها نقابة المهن التمثيلية المصرية منذ فجر يوم السبت الماضي. الأزمة بدت للناس والصحافيين أنها مسرحية، لا يعرف أحد من مؤلفها ولا الهدف منها. فيما بقي «البطل الأول» بعيداً عن الأضواء، وهو الوحيد الذي لم يظهر على خشبة المسرح التي امتلأت بأبطال ثانويين وغصّت بشائعات لم تنته، على رغم ما تردد فجر الأحد عن عودة نقيب الممثلين د. أشرف زكي عن قراره الغامض.
البداية كانت رسائل قصيرة أرسلها زكي إلى مجموعة من زملائه ولبعض المنتجين، يعتذر فيها عن مواعيد كانت مقررة معه يوم السبت. أما سبب الاعتذار فكان مفاجأة من العيار الثقيل: «استقالته من رئاسة النقابة». ولولا هذه الرسالة لظلّ خبر الاستقالة سراً على الصحافة اليومية المصرية التي عرفت متأخرة بالخبر.
إلا أن الصدمة لم تكن تتعلق فقط بغموض أسباب الاستقالة التي جاءت من دون أي مقدمات، بل لأن أشرف زكي الذي خاض معارك طيلة 18 عاماً داخل النقابة، تنازل بسهولة، وفي سرية وعبر رسائل قصيرة، عن كل ما حققه للممثلين المصريين، وهو الذي يحظى بتأييد معظمهم.
ولأن «مسرحية الاستقالة» بدأت فجأة ومن دون بطل أو نص مكتوب مسبقاً، كان طبيعياً أن تتوالى الشائعات منذ ظهر السبت وحتى اجتماع الممثلين في العاشرة من مساء اليوم نفسه. أولى الشائعات التي اختفت سريعاً، ربطت بين الاستقالة وعدم قدرة أشرف زكي على مواصلة تنفيذ قراره بخصوص تقييد حضور الفنانين العرب في القاهرة، وحصره بعمل واحد في السنة فقط. أما الشائعة الثانية فأكدت أن الفنان محمد رياض (عضو مجلس النقابة) كان السبب الذي دفع بزكي إلى اتخاذ هذا القرار. وذلك بعدما تحدى النقيب واستعان في فيلم «حفلة موت» الذي يصوّره حالياً (ومن إنتاجه الخاص) بممثلين ليسوا أعضاء في النقابة، ولا تنطبق عليهم الشروط. لكن رياض، من جهته، نفى الشائعة جملة وتفصيلاً.
ثم بدأ السبب الرسمي يظهر لاحقاً: لقد شعر زكي بضرر نفسي وصحي كبير، بعد انتشار «منشورات ورسائل محمول»، تهاجمه بضراوة في الآونة الأخيرة، وبأسلوب لم يعد بعده قادراً على التحمل، علماً بأنه كثيراً ما صمد أمام هذا النوع من الاتهامات. لكن زيادة الهجوم على زوجته روجينا، واتهامها بالحصول على أدوار رئيسية بدعم من زوجها، إضافة إلى الحديث عن تمييزه بين أعضاء النقابة... كل ذلك ـــ كما قال الفنان محمود الجندي ـــ دفعه إلى الاستقالة. حتى إن زملاءه في المجلس وافقوا عليها، بعدما لمسوا تراجعاً في حالته الصحية مساء الجمعة! وأشار الجندي في برنامج «العاشرة مساءً» إلى أن النقيب حين فتح أبوابه للجميع، جعل بعضهم يزيد الحمل على أكتافه، وبشكل مبالغ به: فهناك من يشتكي له لأن المياه مقطوعة في مسكنه، وهناك من يتصل به صارخاً لأن المخرج حذف عبارات من النص الذي يؤدّيه... وكلها أمور ـــ وفق الجندي ـــ تراكمت حتى ضغطت على زكي بشدة.
وفيما كان محمود الجندي يشرح الموقف الذي لم تقتنع به مقدمة البرنامج منى الشاذلي، كان العشرات من ممثلي المسارح المصرية التي يديرها زكي أيضاً، مجتمعين في نادي النقابة، يجمعون تواقيع تطالب بعودته. ولأن عدد الممثلين الكبار ـــ باستثناء فيفي عبده وإبراهيم يسري وسامي مغاوري ـــ كان قليلاً، انتشرت شائعة أخرى تفيد بأن هدف الاستقالة قد يعود إلى أسباب انتخابية، ولإسكات المعارضين قبل عام تقريباً من الانتخابات المقبلة. وفيما ترك معظم المعتصمين نادي النقابة على أمل اجتماع الجمعية العمومية مساء الأحد، ظهر أشرف زكي فجأة في مقر النادي عند الواحدة والنصف فجراً، حسبما أكدت مصادر مقربة لـ«الأخبار». وأكد لمن بقي من الحاضرين هناك، أنه يدرس فكرة العودة عن قراره. لكن الأمر ما زال رهن اجتماع مجلس النقابة الذي لم تظهر نتائجه حتى كتابة هذه السطور. ذلك أن أشرف زكي اشترط لعودته تطبيق قرارات صارمة، يجب اتخاذها من جانب الجمعية العمومية. وهذه القرارات هي موضع النقاش.
وفيما هدأت الأمور نسبياً، بقيت شائعة أخيرة تقول إن تلك المسرحية التي استغرقت يوماً كاملاً، انطلقت لأن زكي أراد بقراره الرد على محاولات تصعيد المخرج خالد جلال للحصول على منصبه كرئيس للبيت الفني للمسرح في القريب العاجل. فكان حل زكي هو التهديد بشعبيته النقابية لمنع عزله من المنصب الرسمي الذي يتبوأه منذ مدة.


الوكيل محمود الجندي

بمجرد إعلان أشرف زكي استقالته، أصبح محمود الجندي هو القائم بأعمال النقيب، كونه وكيلاً أول في النقابة. وفي حال عدم استقالة مجلس النقابة، يظل الوكيل الأول يقوم بمهمات النقيب حتى موعد الانتخابات المقبلة. لكن في حال استقالة كل المجلس ـــ وهو ما أعلنه زملاء زكي أول من أمس ـــ يُدعى إلى انتخابات خلال 15 يوماً، لتجنب أي فراغ في النقابة الفنية الأبرز في مصر. والمعروف أن استقالة سبعة من أعضاء المجلس كافية لاستقالة المجلس كاملاً. وكان الفنانون أشرف عبد الباقي ومحمد رياض ورياض الخولي قد غابوا عن مسرح الأحداث مساء السبت بسبب انشغالهم بأعمال خارج القاهرة. فيما رفضت الفنانة روجينا التعليق على الخبر، وطالبت الصحافيين بالحديث مع أشرف زكي الذي بقي محموله مغلقاً طيلة الوقت.


«روايح» فيفي عبده