سعيد زكريافي لفتة نادرة، أطلّ الروائي السوري خيري الذهبي ليدلي بدلوه في تقرير لتلفزيون «بي بي سي العربي» عن افتتاح «مهرجان دمشق السينمائي» الذي افتُتح منذ أيام. الندرة ليست في إطلالة الروائي المعروف، بل برأيه الخارج عن المألوف. بعدما استهل مراسل التلفزيون تصريح الذهبي عن أسباب عزوف الجمهور عن السينما في سوريا وردها إلى أسباب اقتصادية واجتماعية، ظهر الذهبي ليقول إنّ «الناس الذين أخرجناهم من الأمية إلى حالة النصف تعليم ليسوا مؤهّلين لتذوّق الفن الراقي والموسيقى الرفيعة...».
للأسف إنّ الذهبي يقول هذا الكلام عن جمهور عرف السينما ربما قبل ولادته، وهذا الجمهور عاش مرحلة كان يذهب فيها إلى السينما عائلات وأفراداً في طقوس احتفالية، افتقدناها منذ أُمِّمت السينما وأُلحقت بمؤسسة تابعة لوزارة الثقافة و«الإرشاد القومي»، ومن كثرة الإرشاد الذي مورس على الجمهور فقد رشده، إلى درجة أنّ الروائي الذهبي اشتكى من «أميته»، وعمل ما بوسعه لإخراجه من «الأمية» وبالكاد غدا «نصف متعلم»، لكنّه ما زال غير قادر على تذوق الفنّ الراقي!
وباعتبارنا ننتمي إلى هذا الجمهور «الجاهل»، نتقدم بالشكر من المثقف الذهبي على جهوده الجبّارة في محو أميتنا، ونطلب منه المزيد من خلال موقعه الفاعل في وزارة الثقافة كمدير التأليف في الهيئة العامة للكتاب، بأن يقنع المعنيين ببناء صالات عرض سينمائية لائقة تتيح إعادة تأهيله وتنمية الذائقة لدى الجمهور، بدل الانحشار في صالات دار الأوبرا غير المخصّصة للعروض السينمائية الجماهيرية، وبما يجنِّب مدير المهرجان الاعتذار من الإعلاميين لعدم دعوتهم إلى حضور حفلة الافتتاح لعدم توافر أماكن! حتى لو كان هذا المهرجان دون سائر المهرجانات السينمائية أو الثقافية الأخرى في العالم، فلا يحتاج إلى دعاية وترويج، وحضور الإعلاميين لزوم ما لا يلزم بل يورث الصداع، وخاصة أنّ لدى إدارة المهرجان حساسية مفرطة تجاه النقد بكل أنواعه، وهي تفضّل قلة يمدحون على كثرة يردحون.
ولو أنّ النيات توافرت لتأمين صالات خاصة بمهرجان دمشق السينمائي منذ طرحت هذه المشكلة، لكان هناك عشرات الصالات، لكن السينما كانت وما زالت ترفاً ثقافياً حكراً على المؤسسة وأهلها!