ننشر البيان الذي وقّعه مبدعون ومثقفون عرب، وتسلّم نسخة منه ثلاثة وزراء في الحكومة اللبنانيّة (الثقافة والإعلام والداخليّة)، مع أبرز موقّعيه
حلّ السينمائي التونسي جيلاني السعدي ضيفاً على بيروت، ليقدّم فيلمه «عرس الذيب» ضمن «أيّام بيروت السينمائيّة». وكم دُهش حين علم، يوم العرض، أن نسخة الفيلم لم تخرج من «دائرة الرقابة» في الأمن العام اللبناني. بعد ذلك أطلق سراح النسخة، لكن السعدي كان قد عاد إلى تونس حيث تنتظره التزاماته. لم يخضع الفيلم للرقابة إذاً، بل «صودر» أيّاماً، من دون أي مبرر.
ليس هدفنا هنا أن نكتفي بإدانة هذا التمادي العشوائي في ممارسة السلطة، بل الدعوة إلى إعادة النظر بسلطة الرقابة نفسها. إننا نعيش في زمن الأقمار الصناعيّة وتقنيات التواصل الحديثة، ومجتمعنا، بكل مكوّناته، يجد في متناوله اليوم كل البرامج والأعمال الإبداعيّة، من دون أيّة رقابة. فإلى متى يستمرّ هذا التعاطي الأبوي مع المجتمع، كأنّه قاصر عن تكوين نظرته النقدية الخاصة إلى الإنتاج الثقافي، وعاجز عن التمييز والاختيار. هل تنظر الدولة إلى المواطنين بصفتهم قاصرين، كي يخضع الإنتاج الثقافي والإبداعي إلى وصاية الأمن العام؟ إذا كان لا بدّ من وجود هيئة رقابيّة ما، فلتكن بعيدة عن ضبّاط الأمن والعسكر، هيئة مدنيّة تتولّى تصنيف الأعمال الإبداعيّة عند الضرورة، لا اجتثاثها أو منعها بحجة أنها تثير النعرات الطائفية وتهدد السلم الأهلي! ليست الأعمال الفنية هي التي تؤجج الفتنة وتعمل على استمرارها، بل خطابات السياسيين والتعبئة الإعلامية والقوانين الانتخابية والأحوال الشخصية... إن الفن هو الاستقرار الأهلي، والثقافة هي المختبر الذي نفحص فيه ذاكرتنا الجماعية، المخدرة، المضللة، الممنوعة. إن مجتمعنا الغني والمتنوّع لا يمكنه أن يحقّق ارتقاءه في ظل المنع. اللهمّ إلا إذا كانت السلطة تعتبر تفتح المجتمع وازدهاره من المخاطر التي تتهدّد السلامة العامة. نحن لا نطالب بالكثير. ولكنننا نعتقد أن الوقت قد حان لإعادة التفكير في موضوع الرقابة ولفتح النقاش بين أهل المهنة السينمائية والمهتمين بها من جهة، وبين الرقباء ومشرّعي قوانين الرقابة من جهة ثانية، لوضع حد للممارسات الرقابية الخاطئة والتعسفية وتقويم دورها إذا كان لا بد من أن يكون لها دور.

بين الموقّعين: برهان علوية، غسان سلهب، سيمون الهبر، ريما خشيش، محمود حجيج، نصري صايغ، ريما المسمار، بشرى شاهين، ماهر أبي سمرا، إيمي بولس، هانية مروّة، ديمتري خضر، بيار أبي صعب، عبلة خوري، عمار البيك، كارلوس شاهين، رانية أسطفان، اليان الراهب، ربيع مروة، جاد أبي خليل، نادين لبكي، أكرم زعتري، هالة العبد الله، جيلاني السعدي، أسد فولداكار، حنان الحاج علي، غريتا نوفل، نديم أصفر، فؤاد عليوان، ديما الجندي، رشا سلطي، ديما شريف، سحر مندور، عصام بو خالد، روي سماحة، علي شرّي، كارول عبود، زينة صفير، خليل جريج، نديم جرجورة، جوانا حاجي توما، ليلى عساف، مصطفى يموت، نصري حجاج، خالد مزنر، عايدة صبرا، سنتيا شقير، كارين غوش، منى سركيس، طوني شكر، حسام مشيمش، حسين شميساني...