strong> رداً على إقالة الروائي أمين الزاوي من منصب المدير العام «للمكتبة الوطنية» في الجزائر، على خلفيّة استقباله الشاعر أدونيس في ندوة سجاليّة عن الدين، وجّه المفكّر المصري البارز حسن حنفي رسالةً إلى رئيس الجمهورية الجزائرية، هنا نصّها الكامل
فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية الجزائرية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقوم العمل الثقافى بطبيعته على حرية الرأي والتعددية الفكرية. وهو ما تعود عليه المنشغلون بالعلوم الإنسانية. والمكتبة الوطنية في كل بلد منبر حر للتعبير عن مختلف الاتجاهات والمواقف الفكرية. فيها كل الكتب والأعمال الفكرية من دون استبعاد، ليطلع عليها المثقفون والباحثون، تحت سمع الدولة وبصرها. فالمكتبة الوطنية إحدى مؤسسات الدولة مثل الجامعة. ولا ضير أن تصدر على منبرها الحر بعض المواقف الحدّية أو، بلغة العصر، المتطرفة من العلمانيين أو السلفيين. ثم يحدث حوار بينهما من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من القاسم المشترك، من أجل تقدم الوطن وعزته وكرامته واستقلاله وهويته. ولا ينفع إقصاء طرف منهما تحت ضغط الطرف الآخر. كل تطرف يولد تطرفاً مضاداً. ولا حل إلا الحوار وليس الإقصاء أو الخروج على النظام. والأفضل أن يظهر التطرف في العلن ولا يبقى في السر، في منابر الدولة العلنية وليس تحت الأرض، في الأحكام النظرية وليس في المواقف العملية، بالقول وليس بالفعل، بالفكر وليس بالسلاح، بالصوت وليس بالدم.
إذا صدرت عن الشاعر العربي الكبير أدونيس أحكام حدّية، فإنه يمكن الرد عليها بتحليلها وإصدار أحكام بديلة على قاعدة الرأي والرأي الآخر. ويكون للمكتبة الوطنية الفخر بأن يتم هذا الحوار على منبرها، وفي حضن الدولة الوطنية التي ترعى الجميع. وقد قامت المكتبة الوطنية بذلك باقتدار خلال شهر رمضان. فالثقافة هي الوعاء الطبيعي لكل الأحكام. يناقشها المثقفون في ما بينهم. وتبقى الدولة على الحياد. فحرية الفكر ليست خطراً على الإيمان ولا على سلامة الدولة، بل إن القضاء على حرية الفكر فيه تهديد للإيمان وسلامة الدولة كما عبر عن ذلك اسبينوزا. وهو أيضاً ما قرره ابن رشد من أن النظر واجب بالشرع. لذا نرجو من فخامة الرئيس أن يعيد إلى المكتبة الوطنية استقلالها كمنبر حرّ لجميع المثقفين الجزائريين والعرب، وأن تستمر الجزائر في مشروع المصالحة الوطنية على مستوى الفكر أولاً. وكما أصدر قراراً باستبعاد أمينها العام أن يصدر قرار بعودته، (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته