نسخة طبق الأصل، انتشرت أمس بين القرّاء، وأثارت بلبلة. لا، «نيويورك تايمز» لم تعلن انتهاء الحرب على العراق: إنها مجموعة The Yes Men التي أرادت السير على خطوات «المجرمين الكبار بغية إحراجهم»
صباح أيوب
«الحرب على العراق انتهت... والجنود عائدون على الفور إلى بلدهم»، «جورج بوش يحاكَم بالخيانة العظمى» و«كوندوليزا رايس تعترف بأن الإدارة الأميركية كانت على علم بأن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل منذ البداية»، «الأمم المتحدة تصدر قراراً بمنع التسلّح»، «إحياء ذكرى آخر قتيل أميركي وعراقي»، و«التعليم يصبح مجانياً»... هذه كانت عناوين صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية التي قرأها أكثر من مليون شخص صباح أمس. أما الافتتاحية، فجاءت بعنوان «نعتذر»، وفيها تعتذر الصحيفة عن الدور الذي أدّته في تأييدها للحرب على العراق ونشر التقارير التي تثبت أنّ العراق يمتلك أسلحة دمار شامل... هذا ليس حلماً ولا ضرباً من الخيال، لكنّ النسخة التي كانت بين أيدي هؤلاء، والتي حملت تلك العناوين المثيرة كانت مجرّد نسخة مزيّفة من «نيويورك تايمز». وقد تبيّن لاحقاً أنّ من قام بهذه «المزحة الكبيرة» هم مجموعة ناشطة اسمها The Yes Men تعمل على خلق أجواء من البلبلة في المجتمع، لتمرير رسالة جدّية، ولفت الأنظار إلى قضية معينة. حتى موقع الصحيفة الإلكتروني «استنسخ» فظهر موقع جديد عنوانه www.nytimes-se.com وفيه تقليد دقيق لموقع الصحيفة الأصلي بالترويسات والخطّ والصور والإخراج نفسها... الفارق الوحيد كان في المضمون وفي تاريخ النسخة الصادرة في 4 تموز (يوليو) 2009.
نجحت مجموعة The Yes Men في هدفها أمس، فقد فوجئ الملايين بما قرأوه أثناء توجّههم إلى أعمالهم والموقع الإلكتروني المبتكر ما زال يستقبل العديد من الزوّار. «تصحيح الهوية» هو شعار المجموعة تلك، وهي كما تشير على موقعها (www.theyesmen.org) تهدف إلى «تقليد المجرمين الكبار بغية إحراجهم». وقد كان لتلك المنظمة نشاطات سابقة في استنساخ شخصيات معروفة من «منظمة التجارة العالمية» وإصدار بيانات صحافية موقّعة من جانبهم ينهون فيها الأزمات المالية العالمية...
«إن عملية السلام المفاجئة في العراق جعلتني أدرك أنني لا أصلح للكتابة. قد تعتقدون أنني أبالغ (...) لكن الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه أثناء الحرب على العراق هو كاف لإقناعي بأن أمثالي لا يصلحون لأن يتصرّفوا كرجال حكماء، ولا أنّ تضعهم صحيفة مرموقة كـ «نيويورك تايمز» في مركز مهم على الصعيد الوطني»... هذا جزء من التعليق الخاص بالصحافي اليهودي ـ الأميركي توماس فريدمان... في النسخة المزيّفة طبعاً!