مهرجان مراكش» يحبّ النجوم والمشاهير، ويقدّم أفلاماً مهمّة... لكن يبقى سؤال أساسي يطرحه نبيل لحلو: أية مكانة فيه للسينما المغربيّة والعربيّة؟
مراكش ــــ ياسين عدنان
عندما اعتذر الإيراني عباس كياروستامي عن ترؤّس لجنة تحكيم «مهرجان مراكش السينمائي الدولي» وضع عديدون أيديهم على قلوبهم. وحينما تلقت إدارة المهرجان اعتذاراً مماثلاً من المخرج الصيني زانغ ييمو، زادت حدة التوجس. مراكش التي ظلت تتفوق على منافسيها بقيمة مسابقتها الرسمية والأسماء التي ترأس لجان تحكيمها، وجدت سمعتها على المحك. لكنّ الاسم البديل الذي صعد ليلة الجمعة الماضي إلى منصة قصر المؤتمرات في حفلة افتتاح الدورة الثامنة من المهرجان نال رضى الجميع. خليفة ألان باركر ورومان بولانسكي وميلوش فورمان لم يكن سوى المخرج الأميركي الكبير باري ليفينسون، الذي لم يأت إلى «مراكش» رئيساً للجنة التحكيم فحسب، بل أحضر معه فيلمه الجديد الذي سيثير جدلاً كبيراً داخل هوليوود. إذ يرصد «ما الذي حصل» الذي عرض في الافتتاح أسبوعين من حياة منتج سينمائي من هوليوود (روبرت دي نيرو) يواجه صعوبات في إتمام فيلمين له. ويحاول الشريط بجرأة طرح سؤال الموهبة والحق في الإبداع الحرّ، ومدى قدرة أصحاب هذا الاختيار على الوقوف في وجه آلة هوليوود التي لا تؤمن بغير المال.
ليفينسون يبدو منخرطاً بجدية هذه الأيام إلى جانب رفاقه في اللجنة في متابعة «ما يحصل»: في 15 فيلماً روائياً تمثل 15 دولة اختيرت للمسابقة الرسمية في هذه الدورة التي تُختتم في الـ 22 الحالي. وإذا كانت الولايات المتحدة وألمانيا والأرجنتين وإيطاليا والصين وغيرها ممثلةً في مسابقة هذه الدورة، فالعالم العربي يبقى دائماً على لائحة الانتظار. والفيلم المغربي الوحيد «قنديشة» الذي سيضمن بعض الحضور لسينما المنطقة في المسابقة عدّ مفاجأة بكل المقاييس. فهو باكورة مخرج يهودي مغربي شاب لم يسمع به أحد، اسمه جيروم كوهن أوليفار. وهذا الفيلم ــــ الذي تؤدّي بطولته الفلسطينية هيام عباس وسعيد تغماوي (النجم المغربي الذي تألق في فرنسا قبل أن يهاجر إلى هوليوود)، وأسعد بواب بطل فيلم «لولا» لنبيل عيوش ــــ يثير فضول الجميع في مراكش. والوحيد الذي لم ينتظر عرض الفيلم غداً ليحكم عليه هو السينمائي نبيل لحلو الذي رأى في بيان حصلت «الأخبار» على نسخة منه أنّ ««قنديشة» فيلم كندي لمخرج كندي»، واستنكر المعاملة الخاصة التي حظي بها الفيلم الكندي من المركز السينمائي المغربي.
ورغم أن مهرجان «مراكش» خصص احتفالية ضخمة للسينما المصرية العام الماضي، في مناسبة مرور مئة سنة على ميلادها، فإنّ رحيل يوسف شاهين فرض على المنظّمين العودة إلى مصر لتوجيه تحية خاصة إلى مخرجها الكبير. وسيجري الاحتفاء به في إطار «عائلي»، وذلك بحضور نجوم مقرّبين منه، أمثال يسرا وعزت العلايلي، الذين سجّلوا حضورهم هذه السنة، في «مهرجان مراكش السينمائي الدولي» منذ اليوم الأول. ومرة أخرى، ورغم أنّ السينما المغربية كانت موضوعاً للاحتفاء عام 2004 فإنّ المنظمين اختاروا توجيه تحية خاصة إليها احتفالاً بخمسينيتها. لكنّ التكريم الأهم تخصصه مراكش هذه السنة للسينما البريطانية، التي تمكّنت من الصمود في وجه هوليوود، وهيمنة السينما الأميركية بفضل تشبّثها باختيارات سينمائية راقية من الكوميديا العاطفية والواقعية الاجتماعية والنفسية، حتى الفانتازيا و«الفكاهة البريطانية». هكذا سيجري عرض 40 شريطاً بريطانياً. وفي فقرة الـ «فلاش باك» سيُكرّم ثلاثة سينمائيين بريطانيين كبار عبر استعادة أعمالهم: ألفريد هيتشكوك، ستانلي كيوبريك، وجوزيف لوزي.
ومن بريطانيا إلى روسيا أندري كونشالوفسكي هذه المرة. إذ يرتقب أن يجري تكريم كونشالوفسكي الخميس المقبل مباشرة قبل عرض فيلمه «لمعان». وإضافة إلى الأفلام، سيُعرض 138 عملاًً خلال ثمانية أيام في أماكن مختلفة، منها ساحة جامع الفنا. أما المنافسة، فعلى أشدها، وأفلام المسابقة التي عرضت حتى الآن ظهرت بمستوى جيد، وخصوصاً الفيلم الأرجنتيني «العش الفارغ»، والفيلم البولوني «موعد الوفاة». فلمن ستعود نجمة مراكش الذهبية هذه الدورة؟