المشهد أمس لم يكن شبيهاً بذلك الذي بثَّته الشاشات طيلة يوم السبت: لقد حظرت محكمة جنايات القاهرة أخيراً أي تغطية إعلامية تتعلق بمحاكمة المتهمَين بقتل سوزان تميم...
محمد عبد الرحمن
كان من المفترض ــ وسط منافسة مع مباراة «الأهلي» التاريخية مع «القطن» الكاميروني مساء أمس ــ أن يبقى المصريون حريصين على متابعة أيّ جديد في ما يخصّ محاكمة المتهمَين بقتل سوزان تميم. وذلك بعدما فاجأهم المستشار محمدي قنصوه رئيس محكمة جنايات القاهرة بتحديد موعد الجلسة الثالثة بعد 24 ساعة فقط من الجلسة الثانية التي جاءت بعد شهر تقريباً من الجلسة الأولى. بالتالي، عند إعلان القرار يوم السبت، عرف الصحافيون أن عليهم الذهاب فجر اليوم التالي إلى «باب الخلق»، لعلّهم يلتقطون معلومات جديدة تدفع الجمهور إلى مزيد من الإقبال على الشاشات التي فتحت هواءها يوم السبت للمحاكمة، وخصوصاً أن المعلومات الأولى باتت مكررة، حتى ملّ الجمهور كيفية وصول المتهمَين من السجن، وأخبار الحراسة المشددة والأحراز وصراع المحامين، وغيرها من الأمور التي لم تختلف كثيراً في الجلستين الأوليين. لكن المفاجأة وقعت كالصاعقة على الصحافيين يوم أمس، ما بدّل كل ملامح المشهد: عند بدء الجلسة الثالثة للمحاكمة صباح أمس، وبعد مناقشة بين رئيس المحكمة المستشار والمحامين... عُلّقت الجلسة، ثم جرى إخراج الصحافيين من القاعة، لإبلاغهم بقرار حظر التغطية الإعلامية.
قبل ذلك، وفي اليوم السابق تحديداً، كانت القضية التي وصفها الجميع بالتاريخية، تأخذ الحيّز الأكبر على الشاشات المصرية والفضائيات العربية، وخصوصاً أن عدد برامج «التوك شو» اليومية ازداد ازدياداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة. فعندما رحَلَت المطربة التونسية ذكرى على سبيل المثال، كان الحدث الفضائي البارز هو نقل الجنازة على الهواء مباشرة عبر «روتانا موسيقى». ذلك أن برامج مثل «الحياة اليوم» و«تسعين دقيقة» وغيرهما لم تكن قد أبصرت النور بعد. أضف إلى ذلك أن قاتل ذكرى، كان معروفاً منذ لحظة وقوع الجريمة. أما مع سوزان تميم، فالوضع مختلف تماماً. من هنا، فتحت متابعة هذا الملف، الباب على مصراعيه للكثير من الوجوه التي أصبحت نجوماً، والتي باتت تريد الفوز بأكبر قدر من الأضواء قبل أن يقول القاضي كلمته الأخيرة. وفيما يكتفي المتهمان محسن السكري وهشام طلعت مصطفى بالبطولة الصامتة، يتصدّر المشهد المحامون المصريون، ثم المحامي الإماراتي والمحامون اللبنانيون. لكن النجم الأول في جلسات السبت كان فريد الديب، محامي هشام طلعت. وقد بدا أكثر هدوءاً من الجلسة الأولى، بعدما قدم 11 طلباً للمحكمة، يرى أن تحقيقها يؤكد براءة موكله هشام طلعت. وفيما لم يظهر الديب على شاشة «الحياة» هذه المرة ــ ربما بسبب الحدة التي طغت على حواره مع برنامج «الحياة اليوم» بعد الجلسة الأولى (راجع «الأخبار» عدد 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008) ــ أدلى بتصريحات هاتفية لبرنامج «تسعين دقيقة» على شاشة «المحور». وقد انتقد فيها محاولة بعضهم إطالة أمد المحاكمة عبر طلبات، «لا محل لها من الإعراب»، مثل طلب شهادة جمال مبارك ووزير الداخلية حبيب العادلي، أو التقدم بطلب تعويض للشعب المصري مقداره 2 مليار جنيه بسبب سلوكيات هشام طلعت مصطفى.
ثاني المحامين النجوم في هذه القضية غاب عن جلسة السبت من دون مبرر معلن سوى بعض الأخبار التي نشرتها صحف مختلفة عن ضغوط عائلية يتعرض لها للتخلي عن عادل معتوق... لكن المحامي طلعت السادات حضر من خلال ممثليه، وطرح على المحكمة عقد بيع أراضي مشروع «مدينتي» ــ أبرز مشروعات طلعت ــ التي حصل عليها بتسهيلات حكومية لا يصدقها عاقل. وكل ذلك من دون أن يفهم المشاهد علاقة المشروع بقتل تميم. أما المحامي مرتضى منصور، فقد ظهر مساء السبت في برنامج «الحقيقة» على «دريم 2»، ليؤكد أن خلافاً بين هشام طلعت مصطفى وشركائه من السعودية قد يكون السبب في القضية كلها.
وفيما حل المحامي الإماراتي محمد سلمان ضيفاً على قناة «العربية»، أصدر محام آخر هو سمير الششتاوي الحكم مسبّقاً، عندما رفع في المحكمة غلاف كتاب أعده بنفسه وحمل عنوان «براءة هشام من قتل سوزان». وهذه هي المرة الأولى التي يكتب فيها محام الأدلة في كتاب قبل أن يطرحها على المحكمة، ما يطرح سؤالاً عن الوقت الذي استغرقه الششتاوي في إعداد الكتاب، وهوية ناشره.
بقي أن نذكر أخيراً أن لبنى عسل، مذيعة برنامج «الحياة اليوم»، أكدت للجمهور مساء الجمعة أن البرنامج نجح في الحصول على نص عقد مشروع «مدينتي» لتعرضه على الشاشة قبل يوم من عودة جلسات المحكمة. وظلت الشاشة تبرز كلمة «انفراد» طيلة الوقت، فيما العقد نشر بتفاصيله قبل ذلك بثلاثة أيام على موقع «اليوم السابع»!