الإرهاب الإلكتروني»، «الإعلام الإرهابي التجنيدي»، الـ E- Jihad والـ«ويبلوغستان»... تعدّدت التسميات في «منتدى بيروت الإعلامي 2008» الذي عقد أخيراً، فيما النتيجة واحدة: الأوروبيون يخافون «الإرهاب»، لكنهم يجهلونه!
صباح أيوب
تحت عنوان «الميديا والنزعات الإسلامية» Medias Et Islamismes، عقدت الدورة الرابعة من «منتدى بيروت الإعلامي» Beirut Media Forum يوم الجمعة الماضي في فندق «لو ميريديان» (الحمراء)، برعاية مؤسسة «فريديرتش إيبرت» الألمانية، و«المعهد الألماني للأبحاث الشرقية» و«المعهد الفرنسي للشرق الأدنى». عناوين ضخمة لمحاور متنوعة وُضعت في البرنامج، وهدفت إلى مناقشة علاقة الإعلام المرئي والمكتوب والإلكتروني، بالنزعات والتيارات الإسلامية. لكن الشكل خان المضمون، فلم يُقدِّم المتحاورون أيَّ جديدٍ في ما يخصّ الموضوع المطروح. وقد غلبَ طابع الآراء الشخصية على المنهجية العلمية المطلوبة. كما وقع أغلب المحاضرين في مطبِّ الخلط بين مصطلحات «النزعات الإسلامية» و«التطرف الإسلامي» و«الإرهاب»... فارتكبوا الأخطاء نفسها التي كان من المفترض أن ينتقدوها. إعلاميون وباحثون من فرنسا وألمانيا ومصر والسعودية وإيران (غاب عنهم لبنان لاعتذار الضيوف عن عدم الحضور!)... اجتمعوا ليعرضوا نتائج أبحاثهم ويناقشوا واقع الإعلام (من دون تحديد مستواه، عربياً كان أو أوروبياً أو عالمياً)، في ظل صعود الحركات الإسلامية وبروزها على الساحة السياسية. لكن المشاركين تبادلوا، طيلة اليوم، التنظير والآراء المتشابهة التي صبّت في خانة «الاحتجاج» على مساهمة الإعلام في التسويق للحركات الإسلامية و«الإرهاب»، مركّزين على «خطورة» أن يكون الإعلام متاحاً للمتطرفين. وهكذا، صُبِغَت الطروحات بلون واحد، في ظل غياب كلّي للطرف الآخر... موضوع البحث!
كذلك فإنّ ضيق الوقت لم يَتَناسب مع كثافة المحاور وتشعّبها، فجاء العرض مُصغّراً، لم يفِ أهمية العناوين حقّها في الشرح والأمثلة والنقاش. «هدفُ المؤتمر هذه السنة يكمن في إعادة طرح مسألة تعاطي الإعلام مع الإسلام السياسي والاستخدام الإسلامي لوسائل الإعلام المختلفة»، توضح أولفا لملوم («المعهد الفرنسي للشرق الأدنى») لـ«الأخبار»، مؤكدة أنّ التظاهرة هي «جزءٌ من مشروع طويل يعمل عليه سنوياً، في إطار منتدى بيروت الإعلامي».
وفيما عرضت طاولة النقاش الأولى تاريخ نشوء وتطور بعض الحركات الإسلامية في الجزائر واليمن والسودان، انتقلت الطاولة الثانية إلى تناول موضوع «الإسلاميين في المعارضة». وفي هذه الطاولة، سُجِّلت مداخلاتٌ عن المدوّنين الإيرانيين وما يسمى الـ«ويبلوغستان». وعن الإعلام السعودي و«محاربة الإرهاب»، وعن الأحزاب الإسلامية في وسائل الإعلام الألمانية... إلا أنّ الطاولة لم تستضف أيّاً من المدوّنين الإيرانيين ـــ أصحاب الشأن ـــ ولم تعرض الباحثة الإيرانية (مسرّات أمير ابراهيمي) أمثلة عن «الويبلوغستان». أما المداخلة السعودية (مع سعد سويان) فناقشت كل شيء إلا «الإعلام ومحاربة الإرهاب»! وهكذا، جاءت محصلة تلك الفقرة ناقصة ومليئة بالثغر.
ولعلّ أبرز المداخلات في الطاولة الثالثة هي تلك التي تناولت «الإعلام السلفي» مع الباحث والصحافي المصري حسام تمام الذي اتخذ من «الواعظين الجدد» ومن قناة «الناس» المصرية مثالاً على انتشار ظاهرة الخطاب الديني في الإعلام، وعلى تحوّل الوسيط (الإعلام) إلى الرسالة (الدين). وأشار تمام إلى العلاقة الاستهلاكية بالدين، وهي تركّز على الجانب التسويقي الواعظ الذي يتوجه إلى المشاهد على أساس فردي لا على أساس العقيدة. ثم تتالت بعده المداخلات التنظيرية لباحثين أوروبيين، حملت صوراً وأمثلة ومعلومات باتت معروفة ومستهلكة جداً عن خطر الإرهاب، وكيفية نقل المعلومة من دون المساهمة في البروباغندا... كذلك أصدر هؤلاء أحكاماً على بعض المواقع الإلكترونية، والمحطات التفزيونية كـ«الجزيرة» و«العربية» وبعض الصحف. وكل ذلك من دون حضور أيّ ممثلين عن هذه الوسائل لشرح وجهة نظرهم في استخدام «الصور العنيفة» أو «الرسائل الإرهابية».
أما المحطة الأخيرة التي غاب عنها كل الضيوف اللبنانيين المقررين، فعادت الى أصول استخدام التعابير والمصطلحات والفوضى في التعامل مع الحركات الإسلامية إعلامياً من دون فهم خطابها. وهي فوضى بدت جليةً في مداخلات ضيوف المؤتمر!