بيار أبي صعبإذا كان لا بدّ من اختيار مهرجان واحد للسينما في لبنان، في هذه الزحمة التي نشهدها كلّ عام، فلتكن «أيام بيروت السينمائيّة»! ببساطة لأن التظاهرة التي تنظمها جمعية «بيروت دي سي» بدعم من برنامج Med-Screen (الاتحاد الأوروبي)، هي ثمرة تفكير وتحضير ورصد للواقع السياسي والثقافي المحيط، ونتيجة حركة فنيّة تندرج في سيرورة تاريخيّة، وتواكب الإنتاجات والأسئلة والتحديات المطروحة على السينما العربيّة الآن وهنا. هذا ما يتبادر إلى الذهن لدى الاستماع إلى مديرتي المهرجان هانيّة مروّة وإليان الراهب تقدّمان برنامج الدورة الخامسة التي تقام بين 17 و26 الجاري. كل شيء مدروس بعناية لخلق حالة تماس بين المبدعين، وبينهم وبين الجمهور، في سياق الدفاع عن «سينما المؤلّف» (ندوة خاصة خلال الـ«أيام»)، و«الوثائقي الإبداعي». إنهما كلمتا السرّ في برمجة هذا العام.
باختصار هناك معظم ما يتوق الجمهور لمشاهدته من الأفلام العربيّة التي انتجت أخيراً: السوريّة هالة العبد الله تقدّم العرض العالمي الأول لفيلمها الثاني «لا تنس الكمّون»، والفلسطينيّة آن ــــ ماري جاسر تقدّم العرض العربي الأول لباكورتها الروائيّة «ملح هذا البحر»، الثنائي اللبناني جوانا وخليل جريج يختتم المهرجان بـ«أريد أن أرى» في أول عرض لبناني (بحضور كاترين دو نوف). المصريّة ناديا كامل وصلت أخيراً إلى بيروت بفيلمها الإشكالي «سلطة بلدي». من مصر أيضاً هناك «عين شمس» (إبراهيم البطوط)، وآخر أعمال يسري نصر الله «جنينة الأسماك». من المغرب فيلم يغوص في الذاكرة الجماعيّة المؤلمة: «أماكننا الممنوعة» (ليلى الكيلاني). ومن الجزائر طارق تيغة: «روما والا انتوما»، وعمر حكّار: «البيت الأصفر». ومن تونس جيلاني السعدي: «عرس الذيب»... من دون أن ننسى مواطنه عبد اللطيف قشيش: «المراوغة» و«الحق على فولتير»... هناك اللبناني برهان علويّة في فيلمه الخاص بالأطفال «مازن والنملة». صلاح أبو سيف (شباب امرأة) ويوسف شاهين (الأرض) في خانة «كلاسيكيات السينما العربيّة»... والراحلة رندا الشهّال في تحيّة لها مع أجمل أعمالها: «حروبنا الطائشة». وفي إطار الأفلام القصيرة نحن على موعد مع هاني أبو أسعد وعبد الرحمن سيساكو وكارلوس شاهين و... سيمون الهبر الذي يستعيد ذاكرة الحرب في باكورته «سمعان بالضيعة». وتخصص «أيام بيروت» ثلث عائداتها من شباك التذاكر، للإسهام في دعم مشروع سينمائي. في انتظار أن «تفرض ضريبة خاصة على عائدات الأفلام التجاريّة لدعم الإنتاج الوطني المستقلّ» كما تقول إليان الراهب في جملة اعتراضيّة.