تنطلق غداً الدورة العشرون من المهرجان، وسط تساؤلات كثيرة عن الأثر الذي تركه على الساحة الثقافية المصرية، وعمّا قدّمه فعلاً إلى المسرحيين الشباب الذي يميلون إلى مقاطعته
القاهرة ـــ محمد شعير
غداً تبدأ فعّاليّات أكثر المهرجانات المصرية تعرّضاً للنقد منذ بدايته قبل 20 عاماً. إنّه مهرجان المسرح التجريبي، الذي يأتي مصحوباً بكارثة ثقافية هي حريق المسرح القومي، الذي سيطر على المؤتمر الصحافي الذي أقامه وزير الثقافة المصري أول من أمس، حتى إنّ فاروق حسني أكّد في إجاباته أنّ هناك أزمة في كيفية بناء مسارح جديدة، في ظل عدم توافر الأماكن والميزانيات اللازمة. لكن أحداً لم يسأل الوزير عن ميزانية المهرجان السنوي، التي تكفي لترميم المسارح المنهارة وإقامة أخرى.
الدورة العشرون مناسبة لمساءلة المسؤولين: هل استطاع المهرجان أن ينقذ المسرح المصري؟ وما التأثير الذي تركه؟ لا إجابة، أو الإجابات كانت متفاوتة. وزير الثقافة يرى أنّ «المهرجان صدمة مقصودة، لم يكن الهدف منه إزاحة القديم، بقدر ما كان سعياً إلى تطويره». وبينما يرى الناقد حسن عطية أنّ المهرجان «أسّس لتيار المسرح المستقل»، يعتبر أيضاً أنّ هناك ضرورةً «لإعادة ترتيب التجريب، لأنّ الوعي الجمالي العربي سقط في الخلط والزيغ البصري»، ما يؤكده الفنان والناقد أحمد حلاوة «لم تنتج الدورات العشرون مبدعين»، وهو الأمر الذي يؤكده الكاتب المسرحي يسري الجندي: «أنا مع التجريب المبني على فهم ودراية لا التقليد والتكرار. علينا أولاً النهوض بالمسرح الأصلي ثم التفكير في تقديم المسرح التجريبي». قد لا يعني النقد شيئاً لمسؤولي الثقافة مع إصرارهم على ثقافة البهرجة والمهرجانات، التي لا يحضرها المسرحيون المصريون الشباب أنفسهم، إذ أعلنوا مقاطعة العديد من دورات المهرجان السابقة بسبب العشوائية، أو الكوارث المتتالية مثلما حدث بعد احتراق أكثر من 50 مبدعاً مصرياً داخل مسرح بني سويف منذ ثلاث سنوات. حتى إصدارات المهرجان لا تصل إلى مستحقيها، أو المهتمين بالتجريب، فقط يجري توزيعها على المشاركين والضيوف، وبالتالي لا يحدث التفاعل الذي خُصِّصت من أجله!
تركّزت أغلب أسئلة الصحافيين على وسائل حماية المشاركين، فأكّد حسني أنه أرسل إلى إدارة الدفاع المدني المصرية قبل المهرجان قائمة بأسماء المسارح المرشحة لإقامة العروض عليها لمعرفة صلاحيتها، وقد جرى إقرار صلاحيتها. وتابع الوزير إنّه شخصياً يرى أنّ حريق المسرح القومي المصري «بفعل فاعل». وبعد فترة صمت، أضاف «الفاعل معروف وهو إهمال العمال القائمين على التنظيف والصيانة»!
واستباقاً لهجوم التيارات الأصولية على استضافة الدنمارك في الدورة الجديدة، أكّد الوزير أنّ مشاركتها نوع من أنواع التسامح والتصالح لأن الشعب لا ذنب له بأخطاء المعادين للإسلام. وكانت إدارة المهرجان برئاسة فوزي فهمي قد أكدت مشاركة 55 فرقة من 24 دولة (16 دولة عربية و26 دولة أجنبية)، إضافة إلى 28 عرضاً مصرياً أي مجموع 70 عرضاً. ولم يُعلَن حتى الآن عن عرض الافتتاح، وهو ما كان سبباً لهجوم كثيرين على إدارة المهرجان. وتشارك من لبنان الفرقة المسرحية للجامعة اللبنانية بمسرحية «العميان» للكاتب البلجيكي موريس ميترلينك، التي عرّبتها لينا أبيض (إخراج)، بالاشتراك مع الكاتب رشيد الضعيف. كما تشارك من فلسطين «فرقة الحكواتي» بعرض مأخوذ عن كتاب «ذاكرة للنسيان» لمحمود درويش.
سيكرّم المهرجان 12 مسرحياً وناقداً أجنبياً وعربياً، بينهم المصريون سامي خشبة ومحمود عزمي وفتحية العسال والسوداني علي مهدي والمغربي عبد القادر البدوي وميشال برونيه من فرنسا، كما بحتضن ندوة عن «المسرح المستقل: تجلياته الفنية والفكرية ومعضلات استمراره»، وعن «مشكلات المسرح المستقل في مصر» .