تارةً يكرِّس نفسه بطلاً قومياً، وطوراً يبرز عضلاته... رئيس الوزراء الروسي يعرف جيداً خفايا اللعبة الإعلامية، غير مكترث لما تنسجه ضدّه الفضائيات
صباح أيوب
منذ أيّّام، احتفل رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بعيده الـ 56. أطلَّ في 7 تشرين الأول (أكتوبر) على شاشة التلفزيون الوطني الروسي، ليس لمخاطبة الجماهير، بل... لتعليم الـ«جودو»! مثّلت المناسبة، فرصةً لإطلاق شريط مصوّر بعنوان «تعلّم الجودو مع بوتين». وقد بثّ التلفزيون الوطني بعض اللقطات منه قبل أن يصبح متوافراً على «يوتيوب»، مع الإعلان أنه سينزل قريباً إلى الأسواق. لم يغيّر رئيس الوزراء الروسي استراتيجيته اذاً، وبقي يشتغل على صورته الإعلامية كإحدى أولويّات سياسته. فمنذ تولّيه منصب رئاسة الجمهورية (عام 2000)، اهتمّ بوتين بصورته حتى بات أيقونة إعلامية خلال وقت قصير. وهو لم يُحط نفسه بالكاميرات والأضواء (مثل الرئيس الفرنسي مثلاً)، بل تحكّم في إطلالاته الإعلامية. وسمح، في بعض الأحيان، بالتقاط صور خاصة في نشاطات «غير رسمية». عضو الـ «كي جي بي» السابق، درس جميع إطلالاته. وركّز على إبراز قوته وقدراته الجسدية ومهاراته المتعددة. وها هو يطلّ في الأشهر الأولى من عهده، على متن مروحيّة حربية في الشيشان وهو في كامل الزيّ العسكري. ومنذ حوالى سنة، ظهر وهو يصطاد الأسماك على ضفاف نهر كيمتشيك في سيبيريا، ساعياً إلى إبراز قوة عضلاته وهدوء طباعه. ولم يؤثر تنحّي بوتين عن منصب الرئاسة على سياسته تلك، فقد تابع الظهور الإعلامي ذا الطابع «الذكوري ـ البطولي»، بعد تولّيه منصب رئاسة الوزراء. ومنذ حوالى شهر ضجّ الإعلام الروسي والعالمي بخبر قيام بوتين بإنقاذ مجموعة من العلماء وفريق تصوير تلفزيوني من نمر هاجمهم في حديقة عامة. أما الشريط الأخير لتعليم الـ«جودو» فليس إلا تأكيداً على استكمال الخطّة الإعلامية، وقد برّر بثّه، قائلاً: «الرياضة هي التي تحدّد مستوى التطور والتقدّم في أي بلد».
وفيما تلقى صناعة الصورة اهتماماً من جانب بوتين والأحزاب الموالية له، تسعى المعارضة إلى وضع كل ذلك في خانة السخرية و«جنون العظمة». وعلى الرغم من نجاح تلك الإطلالات الإعلامية في جعل قسم كبير من الشعب الروسي يتعلّق بصورة «البطل القومي»، تحاول الشاشات الغربية والمعارضة لسياسة بوتين تكريس صورة مختلفة عنه، كأحداث غرق الغواصة «كورسك»، أو عبر عرض وثائقيات عن انتشار الفقر في روسيا وقمع الحريات.

تبثّ «أخبار المستقبل» بدءاً من مساء الغد، سلسلة وثائقيّة من إنتاج Arte وCapa، تتناول أبرز قضايا المعارضة الروسية. والبداية مع Meurtres En Serie Au Pays De Poutine و En Nom D’Anna (كل سبت 21:30).